فصار (أما، فأن كان) مفردا " من ذلك لوجهين: أحدهما أن الجواب لا يلي أداة الشرط بغير فاصل، وثانيهما أن الفاء في الأصل للعطف، فحقها أن تقع بين سببين، وهما المتعاطفان، فلما أخرجوها من باب العطف، حفظوا عليها المعنى الاخر، وهو التوسط، فوجب أن يقدم شئ مما في حيزها عليها اصلاحا " للفظ، فقدمت جملة الشرط الثاني، لأنها كالجزاء الواحد، كما قدم المفعول في قوله تعالى: (فأما اليتيم فلا تقهر)، فصار (فأما إن كان من المقربين. فروح)، فحذفت الفاء التي في جواب (إن) لئلا يلتقي فاءان.
فتخلص أن جواب (أما) ليس محذوفا "، بل مقدما بعضه على الفاء، فلا اعتراض.
الآية الثانية: قوله تعالى عن نوح: (ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم)، وإنما يكون من هذا لو كان (لا ينفعكم يضحي) مؤخرا " بعد الشرطين، أو لازما أن يقدر كذلك، وكلا الأمرين منتف.
أما الأول فظاهر، وأما الثاني فلأن (لا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم) جملة تامة، أما على مذهب الكوفيين فمن شرط مؤخر وجزاء مقدم، وأما على مذهب البصريين فالمقدم دليل الجزاء، والمدلول عليه محذوف فيقدر بعد شرطه، فلم يقع الشرط الثاني معترضا، لأن المراد بالمعترض ما اعترض بين الشرط وجوابه، وهنا ليس كذلك، فإن على مذهب الكوفيين لا حذف، والجواب مقدم، وعلى قول البصريين الحذف بين الشرطين.