الشرط، تقديره: أتنقلبون [على أعقابكم] (1) إن مات محمد؟ لأن الغرض التنبيه أو التوبيخ على هذا الفعل المشروط، ومذهب سيبويه الحق لوجهين: أحدهما أنك لو قدمت الجواب لم يكن للفاء وجه، إذ لا يصح أن تقول: أتزورني فإن زرتك، ومنه قوله: (أفإن مت فهم الخالدون) (2). والثاني أن الهمزة لها صدر الكلام، و (إن) لها صدر الكلام، فقد وقعا في موضعهما، والمعنى يتم بدخول الهمزة على جملة الشرط و الجواب، لأنهما كالشئ الواحد. (3) انتهى.
وقد رد النحويون على يونس بقوله: (أفإن مت فهم الخالدون) (2)، لا يجوز في (فهم) أن ينوي به التقديم، لأنه يصير التقدير: (أفهم الخالدون فإن مت؟)، وذلك لا يجوز، لئلا يبقى الشرط بلا جواب، إذ لا يتصور أن يكون الجواب محذوفا يدل عليه ما قبله، لأن الفاء المتصلة بأن تمنعه من ذلك، ولهذا يقولون: (أنت ظالم إن فعلت)، ولا يقولون: (أنت ظالم فإن فعلت)، فدل ذلك على أن أدوات الاستفهام إنما دخلت لفظا وتقديرا على جملة الشرط والجواب.
الثامنة: إذا تقدم أداة الشرط جملة تصلح أن تكون جزاء، ثم ذكر فعل الشرط ولم يذكر له جواب، نحو: (أقوم إن قمت)، (وأنت طالق إن دخلت الدار)، فلا تقدير عند الكوفيين، بل المقدم هو جواب، وعند البصريين دليل الجواب.
والصحيح هو الأول، لأن الفاء لا تدخل عليه، ولو كان جوابا " لدخلت، ولأنه لو كان مقدما " من تأخير لما افترق المعنيان، وهما مفترقان، ففي التقدم بني الكلام على الخبر