وحينئذ فالذي أجاب به العلماء عن هذا بأن البيت الواحد وما كان على وزنه لا يكون شعرا "، وأقل الشعر بيتان فصاعدا "، وإلى ذلك ذهب أكثر أهل صناعة العربية من أهل الاسلام.
وقالوا أيضا: إن ما كان على وزن بيتين إلا أنه يختلف وزنهما وقافيتهما فليس بشعر [أصلا].
ثم منهم من قال: إن الرجز ليس بشعر أصلا، لا سيما إذا كان مشطورا أو منهوكا، وكذا ما يقاربه في قلة الأجزاء، وعلى هذا نسقط السؤال.
ثم نقول: إن الشعر إنما ينطلق متى قصد إليه على الطريق التي تعمد وتسلك، ولا يصح أن يتفق مثله إلا من الشعراء دون ما يستوى فيه العامي والجاهل [والعالم بالشعر واللسان وتصرفه] وما يتفق من كل واحد، فليس بشعر فلا يسمى صاحبه شاعرا، وإلا لكان الناس كلهم شعراء، لأن كل متكلم لا ينفك أن يعرض في جملة كلامه ما يتزن بوزن الشعر [وينتظم بانتظامه].
وقيل: أقل ما يكون من الرجز شعرا أربعة أبيات، وليس ذلك في القرآن بحال.
قال القاضي: وهذه الطريق التي سلكوها في الجواب معتمدة، أو أكثرها.
ولو كان ذلك شعرا لكانت النفوس تتشوق إلى معارضته، لأن طريق الشعر غير مستصعب على أهل الزمان [الواحد، وأهله يتقاربون فيه، أو يضربون فيه بسهم].