حكاه عن أبي الخطاب (1) وهو رئيس من رؤساء اللغة لا يشك في صدقه، وقد روى عنه سيبويه وأنشد:
وإن تكتموا الداء لا نخفه * وإن تبعثوا الحرب لا نقعد كذا رواه أبو عبيدة عن أبي الخطاب بضم النون. وقال أمرؤ القيس أيضا:
خفاهن من أنفاقهن كأنما * خفاهن ودق من عشي مجلب (2) أي أظهرهن. وروى: " من سحاب مركب " بدل " من عشي مجلب ". وقال أبو بكر الأنباري: وتفسير للآية آخر: " إن الساعة آتية أكاد " انقطع الكلام على " أكاد " وبعده مضمر أكاد آتي بها، والابتداء " أخفيها لتجزى كل نفس " قال ضابئ البرجمي: (3) هممت ولم أفعل وكدت وليتني * تركت على عثمان تبكي حلائله أراد وكدت أفعل، فأضمر مع كدت فعلا كالفعل المضمر معه في القرآن.
قلت: هذا الذي اختاره النحاس، وزيف القول الذي قبله فقال يقال: خفى الشئ يخفيه إذا أظهره، وقد حكى أنه يقال: أخفاه أيضا إذا أظهره، وليس بالمعروف، قال:
وقد رأيت علي بن سليمان لما أشكل عليه معنى " أخفيها " عدل إلى هذا القول، وقال:
معناه كمعنى " أخفيها ". قال النحاس: ليس المعنى على أظهر ولا سيما و " أخفيها " قراءة شاذة، فكيف ترد القراءة الصحيحة الشائعة إلى الشاذة، ومعنى المضمر أولى، ويكون التقدير: إن الساعة آتية أكاد آتي بها، ودل: " آتية " على آتي بها، ثم قال: " أخفيها " على الابتداء. وهذا معنى صحيح، لان الله عز وجل قد أخفى الساعة التي هي القيامة، والساعة التي يموت فيها الانسان ليكون الانسان يعمل، والامر عنده مبهم فلا يؤخر التوبة.