عشرة سنة. في صحيح مسلم: وكان قتله خطأ، على ما يأتي. (فنجيناك من الغم) أي آمناك من الخوف والقتل والحبس. (وفتناك فتونا) أي اختبرناك اختبارا حتى صلحت للرسالة، وقال قتادة: بلوناك بلاء. مجاهد: أخلصناك إخلاصا. وقال ابن عباس: اختبرناك بأشياء قبل الرسالة، أولها: حملته أمه في السنة التي كان فرعون يذبح فيها الأطفال، ثم إلقاؤه في اليم، ثم منعه من الرضاع إلا من ثدي أمه، ثم جره بلحية فرعون، ثم تناوله الجمرة بدل الدرة، فدرأ ذلك عنه قتل فرعون، ثم قتله القبطي وخروجه خائفا يترقب، ثم رعايته الغنم ليتدرب بها على رعاية الخلق. فيقال: إنه ندله من الغنم جدي فاتبعه أكثر النهار، وأتعبه، ثم أخذه فقبله وضمه إلى صدره، وقال له: أتعبتني وأتبعت نفسك، ولم يغضب عليه. قال وهب ابن منبه: ولهذا اتخذه الله تعالى كليما، وقد مضى في (النساء) (1).
قوله تعالى: (فلبثت سنين في أهل مدين) يريد عشر سنين أتم الأجلين. وقال وهب:
لبث عند شعيب ثماني وعشرين سنة، منها عشرة مهر امرأته صفورا ابنة شعيب، وثماني عشرة إقامة عنده حتى ولد له عنده. وقوله: (ثم جئت على قدر يا موسى) قال ابن عباس وقتادة وعبد الرحمن بن كيسان: يريد موافقا للنبوة والرسالة، لان الأنبياء لا يبعثون إلا أبناء أربعين سنة. وقال مجاهد ومقاتل: " على قدر " على وعد. وقال محمد بن كعب: ثم جئت على القدر الذي قدرت لك أنك تجئ فيه. والمعنى واحد. أي جئت في الوقت الذي أردنا إرسالك فيه. وقال الشاعر:
نال الخلافة أو كانت له قدرا * كما أتى ربه موسى على قدر قوله تعالى: (واصطنعتك لنفسي) قال ابن عباس: أي اصطفيتك لوحي ورسالتي. وقيل:
" اصطنعتك " خلقتك، مأخوذ من الصنعة. وقيل: قويتك وعلمتك لتبلغ عبادي أمري ونهى. (أذهب أنت وأخوك بآياتي) قال ابن عباس: يريد التسع الآيات التي أنزلت عليه.
(ولا تنيا في ذكرى) قال ابن عباس: تضعفا أي في أمر الرسالة، وقاله قتادة. وقيل:
تفترا. قال الشاعر: (2) فما ونى محمد مذان غفر * له الاله ما مضى وما غبر