درهم يسبق مائة (1) ألف. فالآية على هذا القول محكمة، قاله ابن عباس. وامتثل ذلك جماعة من التابعين: عروة بن الزبير وغيره، وأمر به أبو موسى الأشعري. وروي عن ابن عباس أنها منسوخة نسخها قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين). وقال سعيد بن المسيب: نسخها آية الميراث والوصية. وممن قال إنها منسوخة أبو مالك وعكرمة والضحاك. والأول أصح، فإنها مبينة استحقاق الورثة لنصيبهم، واستحباب المشاركة لمن لا نصيب له ممن حضرهم. قال ابن جبير: ضيع الناس هذه الآية. قال الحسن: ولكن الناس شحوا. وفي البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى: (وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين) قال: هي (2) محكمة وليست بمنسوخة. وفي رواية قال: إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت، لا والله ما نسخت ولكنها مما تهاون بها، هما واليان:
وال يرث وذلك الذي يرزق، ووال لا يرث وذلك الذي يقول بالمعروف، ويقول:
لا أملك لك أن أعطيك. قال ابن عباس: أمر الله المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم، ويتاماهم ومساكينهم من الوصية، فإن لم تكن وصية وصل لهم من الميراث.
قال النحاس: فهذا أحسن ما قيل في الآية، أن يكون على الندب والترغيب في فعل الخير، والشكر لله عز وجل. وقالت طائفة: هذا الرضخ (3) واجب على جهة الفرض، تعطي الورثة لهذه الأصناف ما طابت به نفوسهم، كالماعون والثوب الخلق وما خف. حكى هذا القول ابن عطية والقشيري. والصحيح أن هذا على الندب، لأنه لو كان فرضا لكان استحقاقا في التركة ومشاركة في الميراث، لاحد الجهتين معلوم وللآخر مجهول. وذلك مناقض للحكمة، وسبب للتنازع والتقاطع. وذهبت فرقة إلى أن المخاطب والمراد في الآية المحتضرون الذين يقسمون أموالهم بالوصية، لا الورثة. وروي عن ابن عباس وسعيد بن المسيب وابن زيد. فإذا أراد المريض أن يفرق ماله بالوصايا وحضره من لا يرث ينبغي له ألا يحرمه. وهذا - والله أعلم -.
يتنزل حيث كانت الوصية واجبة، ولم تنزل آية الميراث. والصحيح الأول وعليه المعول.