أدب الله جل وعز المؤمنين بهذا، كما قال ابن عباس: أمروا أن يقولوا الحق ولو على أنفسهم. ويحتمل أن يكون قوله: (شهداء لله) معناه بالوحدانية لله، ويتعلق قوله:
(ولو على أنفسكم) ب (قوامين) والتأويل الأول أبين.
السادسة - قوله تعالى: (ان يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما) في الكلام إضمار وهو اسم كان، أي إن يكن الطالب أو المشهود عليه غنيا فلا يراعى لغناه ولا يخاف منه، وإن يكن فقيرا فلا يراعى إشفاقا عليه. (فالله أولى بهما) [أي (1)] فيما اختار لهما من فقر وغنى.
قال السدي: اختصم (2) إلى النبي صلى الله عليه وسلم غني وفقير، فكان ضلعه (3) [صلى الله عليه وسلم (4)] مع الفقير، ورأى أن الفقير لا يظلم الغني، فنزلت الآية.
السابعة - قوله تعالى: (فالله أولى بهما) إنما قال (بهما) ولم يقل (به) وإن كانت (أو) إنما تدل على الحصول الواحد، لان المعنى فالله أولى بكل واحد منهما. وقال الأخفش: تكون (أو) بمعنى الواو، أي إن يكن غنيا وفقيرا فالله أولى بالخصمين كيفما كانا، وفيه ضعف. وقيل: إنما قال (بهما) لأنه قد تقدم ذكر هما، كما قال تعالى:
(وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس (5)). الثامنة - قوله تعالى: (فلا تتبعوا الهوى) نهى، فإن اتباع الهوى مرد، أي مهلك، قال الله تعالى: (فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله (6)) فاتباع الهوى يحمل على الشهادة بغير الحق، وعلى الجور في الحكم، إلى غير ذلك. وقال الشعبي: أخذ الله عز وجل على الحكام ثلاثة أشياء: ألا يتبعوا الهوى، وألا يخشوا الناس ويخشوه، وألا يشتروا بآياته ثمنا قليلا. (أن تعدلوا) في موضع نصب.
التاسعة - قوله تعالى: (وإن تلووا أو تعرضوا) قرئ (وإن تلووا) من لويت فلانا حقه ليا إذا دفعته به، والفعل منه (لوى) والأصل فيه (لوى) قلبت الياء ألفا لحركتها وحركة ما قبلها، والمصدر (ليا) والأصل لويا، وليانا والأصل لويانا، ثم أدغمت الواو