فالأصل (يصتلحا) ثم صار إلى يصطلحا، ثم أبدلت الطاء صادا وأدغمت فيها الصاد،، ولم تبدل الصاد طاء لما فيها من امتداد الزفير.
الخامسة - قوله تعالى: (والصلح خير) لفظ عام مطلق يقتضي أن الصلح الحقيقي الذي تسكن إليه النفوس ويزول به الخلاف خير على الاطلاق. ويدخل في هذا المعنى جميع ما يقع عليه الصلح بين الرجل وامرأته في مال أو وطئ أو غير ذلك. (خير) أي خير من الفرقة، فإن التمادي على الخلاف والشحناء والمباغضة هي قواعد الشر، وقال عليه السلام في البغضة:
(إنها الحالقة) يعني حالقة الدين لا حالقة الشعر.
السادسة - قوله تعالى: (وأحضرت الا نفس الشح) إخبار بأن الشح في كل أحد. وأن الانسان لا بد أن يشح بحكم خلقته وجبلته حتى يحمل صاحبه على بعض ما يكره، يقال: شح يشح (بكسر الشين) قال ابن جبير: هو شح المرأة بالنفقة من زوجها وبقسمه لها أيامها. وقال ابن زيد: الشح هنا منه ومنها. وقال ابن عطية: وهذا أحسن، فإن الغالب على المرأة الشح بنصيبها من زوجها، والغالب على الزوج الشح بنصيبه من الشابة. والشح الضبط على المعتقدات والإرادة وفي الهمم والأموال ونحو ذلك، فما أفرط منه على الدين فهو محمود، وما أفرط منه في غيره ففيه بعض المذمة، وهو الذي قال الله فيه: (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (1)). وما صار إلى حيز منع الحقوق الشرعية [أو (2)] التي تقتضيها المروءة فهو البخل وهي رذيلة. وإذا آل البخل إلى هذه الأخلاق المذمومة والشيم اللئيمة لم يبق معه خير مرجو ولا صلاح مأمول.
قلت: وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: (من سيدكم)؟ قالوا:
الجد بن قيس على بخل فيه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وأي داء أدوى من البخل)!
قالوا: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: (إن قوما نزلوا بساحل [البحر (3)] فكرهوا لبخلهم نزول الأضياف بهم فقالوا ليبعد الرجال منا عن النساء حتى يعتذر الرجال إلى الأضياف ببعد النساء وتعتذر