أعطيك من مالي على أن أقسم لهذه الشابة أكثر مما أقسم لك من الليل والنهار، فترضى الأخرى بما اصطلحا عليه، وإن أبت ألا ترضى فعليه أن يعدل بينهما في القسم.
الثالثة - قال علماؤنا: وفي هذا أن أنواع الصلح كلها مباحة في هذه النازلة، بأن يعطي الزوج على أن تصبر هي، أو تعطي هي على أن يؤثر الزوج، أو على أن يؤثر (1) ويتمسك بالعصمة، أو يقع الصلح على الصبر والاثرة من غير عطاء، فهذا كله مباح. وقد يجوز أن تصالح إحداهن صاحبتها عن يومها بشئ تعطيها، كما فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان غضب على صفية، فقالت لعائشة: أصلحي بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وهبت يومي لك. ذكره ابن خويز منداد في أحكامه عن عائشة قالت: وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفية في شئ، فقالت لي صفية:
هل لك أن ترضين رسول الله صلى الله عليه وسلم عني ولك يومي؟ قالت: فلبست خمارا كان عندي مصبوغا بزعفران ونضحته، ثم جئت فجلست إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إليك عني فإنه ليس بيومك). فقلت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وأخبرته الخبر، فرضي عنها. وفيه أن ترك التسوية بين النساء وتفضيل بعضهن على بعض لا يجوز إلا بإذن المفضولة ورضاها.
الرابعة - قرأ الكوفيون (يصلحا). والباقون (أن يصالحا). الجحدري (يصلحا) فمن قرأ (يصالحا) فوجهه أن المعروف في كلام العرب إذا كان بين قوم تشاجر أن يقال:
تصالح القوم، ولا يقال: أصلح القوم؟ ولو كان أصلح لكان مصدره إصلاحا. ومن قرأ (يصلحا) فقد استعمل مثله في التشاجر والتنازع، كما قال (فأصلح بينهم). ونصب قوله:
(صلحا) على هذه القراءة على أنه مفعول، وهو اسم مثل العطاء من أعطيت. فأصلحت صلحا مثل أصلحت أمرا، وكذلك هو مفعول أيضا على قراءة من قرأ (يصالحا) لان تفاعل قد جاء متعديا، ويحتمل أن يكون مصدرا حذفت زوائده. ومن قرأ (يصلحا)