قال: لما نزلت (من يعمل سوءا يجز به) بلغت من المسلمين مبلغا شديدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قاربوا وسددوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها والشوكة يشاكها). وخرج الترمذي الحكيم في (نوادر الأصول، في الفصل الخامس والتسعين) حدثنا إبراهيم بن المستمر الهذلي قال حدثنا عبد الرحمن بن سليم بن حيان (1) أبو زيد قال: سمعت أبي يذكر عن أبيه قال صحبت ابن عمر من مكة إلى المدينة فقال لنافع: لا تمر بي على المصلوب، يعني ابن الزبير، قال: فما فجئه (2) في جوف الليل أن صك محمله جذعه، [فجلس (3)] فمسح عينيه ثم قال: يرحمك الله أبا خبيب أن كنت وأن كنت! ولقد سمعت أباك الزبير يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من يعمل سوءا يجز به في الدنيا أو في الآخرة) فإن يك هذا بذاك فهيه. قال الترمذي أبو عبد الله: فأما في التنزيل فقد أجمله فقال:
(من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا) فدخل فيه البر والفاجر والعدو والولي والمؤمن والكافر، ثم ميز رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين الموطنين فقال: (يجز به في الدنيا أو في الآخرة) وليس يجمع عليه الجزاء في الموطنين، ألا ترى أن ابن عمر قال: فإن يك هذا بذاك فهيه، معناه أنه قاتل في حرم الله وأحدث فيه حدثا عظيما حتى أحرق البيت ورمي الحجر الأسود بالمنجنيق فانصدع حتى ضبب بالفضة فهو إلى يومنا [هذا (4)] كذلك، وسمع للبيت أنينا: آه آه! فلما رأى ابن عمر فعله ثم رآه مقتولا مصلوبا ذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يعمل سوءا يجز به). ثم قال: إن يك هذا القتل بذاك الذي فعله فهيه، أي كأنه جوزي بذلك السوء هذا القتل والصلب. رحمه الله!
ثم ميز رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر بين الفريقين، حدثنا أبي رحمه الله قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا محمد بن مسلم عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي قال: لما نزلت (من يعمل سوءا يجز به) قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ما هذه بمبقية منا، قال: (يا أبا بكر إنما يجزى المؤمن بها في الدنيا ويجزى بها الكافر يوم القيامة).
حدثنا الجارود قال حدثنا وكيع وأبو معاوية وعبدة (5) عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي بكر