السيئات (1)) وقوله تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده (2)) وقوله: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء). والاخذ بالظاهرين تناقض فلابد من التخصيص. ثم إن الجمع بين آية (الفرقان) وهذه الآية ممكن فلا نسخ ولا تعارض، وذلك أن يحمل مطلق آية (النساء) على مقيد آية (الفرقان) فيكون معناه فجزاؤه كذا إلا من تاب، لا سيما وقد اتحد الموجب وهو القتل والموجب وهو التواعد بالعقاب. وأما الاخبار فكثيرة كحديث عبادة بن الصامت الذي قال فيه: (تبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه (3)).
رواه الأئمة أخرجه الصحيحان. وكحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي قتل مائة نفس. أخرجه مسلم في صحيحه وابن ماجة في سننه وغيرهما إلى غير ذلك من الاخبار الثابتة. ثم إنهم قد أجمعوا معنا في الرجل يشهد عليه بالقتل، ويقر بأنه قتل عمدا، ويأتي السلطان الأولياء فيقام عليه الحد ويقتل قودا، فهذا غير متبع في الآخرة، والوعيد غير نافذ عليه إجماعا على مقتضى حديث عبادة، فقد انكسر عليهم ما تعلقوا به من عموم قوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) ودخله التخصيص بما ذكرنا، وإذا كان كذلك فالوجه أن هذه الآية مخصوصة كما بينا، أو تكون محمولة على ما حكي عن ابن عباس أنه قال: متعمدا [معناه (4)] مستحلا لقتله، فهذا أيضا يئول إلى الكفر إجماعا. وقالت جماعة: إن القاتل في المشيئة تاب أو لم يتب، قاله أبو حنيفة وأصحابه. فإن قيل: إن قوله تعالى: (فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه) دليل على كفره، لان الله تعالى لا يغضب إلا على كافر خارج من الايمان. قلنا: هذا وعيد، والخلف في الوعيد كرم، كما قال:
وإني متى أو عدته أو وعدته * لمخلف إيعادي ومنجز موعدي وقد تقدم. جواب ثان - إن جازاه بذلك، أي هو أهل لذلك ومستحقه لعظيم ذنبه. نص على هذا أبو مجلز لا حق بن حميد وأبو صالح وغيرهما. وروى أنس بن مالك عن رسول الله