عن زيد بن ثابت نحوه، وإن آية النساء نزلت بعد أية الفرقان بستة أشهر، وفي رواية بثمانية أشهر، ذكرهما النسائي عن زيد بن ثابت. وإلى عموم هذه الآية مع هذه الأخبار عن زيد وابن عباس ذهبت المعتزلة وقالوا: هذا مخصص عموم قوله تعالى: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ورأوا أن الوعيد نافذ حتما على كل قاتل، فجمعوا بين الآيتين بأن قالوا: التقدير ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء إلا من قتل عمدا. وذهب جماعة من العلماء منهم عبد الله بن عمر - وهو أيضا مروي عن زيد وابن عباس - إلى أن له توبة.
روى يزيد بن هارون قال: أخبرنا أبو مالك الأشجعي عن سعد بن عبيدة قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال المن قتل مؤمنا متعمدا توبة؟ قال: لا، إلا النار، قال: فلما ذهب قال له جلساؤه: أهكذا كنت تفتينا؟ كنت تفتينا أن لمن قتل توبة مقبولة، قال: إني لا حسبه رجلا مغضبا يريد أن يقتل مؤمنا. قال: فبعثوا في إثره فوجدوه كذلك. وهذا مذهب أهل السنة وهو الصحيح، وإن هذه الآية مخصوصة، ودليل التخصيص آيات وأخبار. وقد أجمعوا على أن الآية نزلت في مقيس بن ضبابة (1)، وذلك أنه كان قد أسلم هو وأخوه هشام بن ضبابة، فوجد هشاما قتيلا في بني النجار فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فكتب له إليهم أن يدفعوا إليه قاتل أخيه وأرسل معه رجلا من بني فهر، فقال بنو النجار:
والله ما نعلم له قاتلا ولكنا نؤدي الدية، فأعطوه مائة من الإبل، ثم انصرفا راجعين إلى المدينة فعدا مقيس على الفهري فقتله بأخيه وأخذ الإبل وانصرف إلى مكة كافرا مرتدا، وجعل ينشد:
قتلت به فهرا وحملت عقله * سراة بني النجار أرباب فارع (2) حللت به وتري وأدركت ثورتي * وكنت إلى الأوثان أول راجع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا أؤمنه في حل ولا حرم). وأمر بقتله يوم فتح مكة وهو متعلق بالكعبة. وإذا ثبت هذا بنقل أهل التفسير وعلماء الدين فلا ينبغي أن يحمل على المسلمين، ثم ليس الاخذ بظاهر الآية بأولى من الاخذ بظاهر قوله: (إن الحسنات يذهبن