وقيل: هي متعلقة بقوله: (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله. فقاتل). كأن هذا (1) المعنى:
لا تدع جهاد العدو والاستنصار عليهم للمستضعفين من المؤمنين ولو وحدك، لأنه وعده بالنصر.
قال الزجاج: أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهاد وإن قاتل وحده، لأنه قد ضمن له النصرة. قال ابن عطية: (هذا ظاهر اللفظ، إلا أنه لم يجئ في خبر قط أن القتال فرض عليه دون الأمة مدة ما، فالمعنى والله أعلم أنه خطاب له في اللفظ، وهو مثال ما يقال لكل واحد في خاصة نفسه، أي أنت يا محمد وكل واحد من أمتك القول له، (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك). ولهذا ينبغي لكل مؤمن أن يجاهد ولو وحده، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (والله لأقاتلنهم حتى تنفرد (2) سالفتي). وقول أبي بكر وقت الردة:
ولو خالفتني يميني لجاهدتها بشمالي. وقيل: إن هذه الآية نزلت في موسم بدر الصغرى، فإن أبا سفيان لما انصرف من أحد واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم موسم بدر الصغرى، فلما جاء الميعاد خرج إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين راكبا فلم يحضر أبو سفيان ولم يتفق قتال. وهذا على معنى ما قاله مجاهد كما تقدم في (آل عمران (3)). ووجه النظم على هذا والاتصال بما قبل أنه وصف المنافقين بالتخليط وإيقاع الأراجيف، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاعراض عنهم وبالجد في القتال في سبيل الله وإن لم يساعده أحد على ذلك.
قوله تعالى: (لا تكلف الا نفسك) (تكلف) مرفوع لأنه مستقبل، ولم يجزم لأنه ليس علة للأول. وزعم الأخفش أنه يجوز جزمه. (إلا نفسك) خبر ما لم يسم فاعله، والمعنى لا تلزم فعل غيرك ولا تؤاخذ به.
قوله تعالى: (وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (وحرض المؤمنين) أي حضهم على الجهاد والقتال. يقال:
حرضت فلانا على كذا إذا أمرته (4) به. وحارض فلان على الامر وأكب وواظب بمعنى واحد