فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم غيضة (1)، فقطع قضيبين أحدهما معوج، فخرج وأعطى لصاحبه القويم، فقال: كنت يا رسول الله أحق بهذا! فقال: (كلا (2) يا فلان إن كل صاحب يصحب آخر فإنه مسؤول عن صحابته ولو ساعة من نهار). وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن:
للسفر مروءة وللحضر مروءة، فأما المروءة في السفر فبذل الزاد، وقلة الخلاف على الأصحاب، وكثرة المزاج في غير مساخط الله. وأما المروءة في الحضر فالادمان إلى المساجد، وتلاوة القرآن وكثرة الاخوان في الله عز وجل. ولبعض بني أسد - وقيل إنها لحاتم الطائي:
إذا ما رفيقي لم يكن خلف ناقتي * له مركب فضلا فلا حملت رجلي ولم يك من زادي له شطر مزودي * فلا كنت ذا زاد ولا كنت ذا فضل شريكان فيما نحن فيه وقد أرى * علي له فضلا بما نال من فضلي وقال علي وابن مسعود وابن أبي ليلى: (الصاحب بالجنب) الزوجة. ابن جريج: هو الذي يصحبك ويلزمك رجاء نفعك. والأول أصح، وهو قول ابن عباس وابن جبير وعكرمة ومجاهد والضحاك. وقد تتناول الآية الجميع بالعموم. والله أعلم.
الثالثة عشرة - قوله تعالى: (وابن السبيل) قال مجاهد: هو الذي يجتاز بك مارا.
والسبيل الطريق، فنسب المسافر إليه لمروره عليه ولزومه إياه. ومن الاحسان إليه إعطاؤه وإرفاقه وهدايته ورشده.
الرابعة عشرة - قوله تعالى: (وما ملكت أيمانكم) أمر الله تعالى بالاحسان إلى المماليك، وبين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فروى مسلم وغيره عن المعرور بن سويد قال: مررنا بأبي ذر بالربذة (3) وعليه برد وعلى غلامه مثله، فقلنا: يا أبا ذر لو جمعت بينهما كانت حلة، فقال: إنه كان بيني وبين رجل من إخواني كلام، وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه، فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا أبا ذر إنك امرؤ