تمر المدينة - وأخرجه الترمذي من حديث البراء وصححه، وسيأتي. وحكى الطبري والنحاس أن في قراءة عبد الله " ولا تأمموا " وهما لغتان. وقرأ مسلم بن جندب " ولا تيمموا " بضم التاء وكسر الميم. وقرأ ابن كثير " تيمموا " بتشديد التاء. وفى اللفظة لغات، منها " أممت الشئ " مخففة الميم الأولى و " أممته " بشدها، و " يممته وتيممته ". وحكى أبو عمرو أن ابن مسعود قرأ " ولا تؤمموا " بهمزة بعد التاء المضمومة.
الثامنة - قوله تعالى: (منه تنفقون) قال الجرجاني في كتاب " نظم القرآن ":
قال فريق من الناس: إن الكلام تم في قوله تعالى " الخبيث " ثم ابتدأ خبرا آخر في وصف الخبيث فقال: " منه تنفقون " وأنتم لا تأخذونه إلا إذا أغمضتم أي تساهلتم، كأن هذا المعنى عتاب للناس وتقريع. والضمير في " منه " عائد على الخبيث وهو الدون والردئ. قال الجرجاني: وقال فريق آخر: الكلام متصل إلى قوله " منه "، فالضمير في " منه " عائد على " ما كسبتم " ويجئ " تنفقون " كأنه في موضع نصب على الحال، وهو كقولك:
أنا أخرج أجاهد في سبيل الله.
التاسعة - قوله تعالى: (ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه) أي لستم بآخذيه في ديونكم وحقوقكم من الناس إلا أن تتساهلوا في ذلك وتتركوا من حقوقكم، وتكرهونه ولا ترضونه. أي فلا تفعلوا مع الله مالا ترضونه لأنفسكم، قال معناه البراء بن عازب وابن عباس والضحاك. وقال الحسن: معنى الآية: ولستم بآخذيه ولو وجدتموه في السوق يباع إلا أن يهضم لكم من ثمنه. وروى نحوه عن علي رضي الله عنه. قال ابن عطية:
وهذان القولان يشبهان كون الآية في الزكاة الواجبة. قال ابن العربي: لو كانت في الفرض لما قال " ولستم بآخذيه " لان الردئ والمعيب لا يجوز أخذه في الفرض بحال، لا مع تقدير الاغماض ولا مع عدمه، وإنما يؤخذ مع عدم إغماض في النقل. وقال البراء بن عازب أيضا معناه: " ولستم بآخذيه " لو أهدى لكم " إلا أن تغمضوا فيه " أي تستحى من المهدى فتقبل منه ما لا حاجة لك به ولا قدر له في نفسه. قال ابن عطية: وهذا يشبه كون الآية في التطوع. وقال ابن زيد: ولستم بآخذي الحرام إلا أن تغمضوا في مكروهه.