وأظهر وأشهر منه فيما وضع له، وكذلك في مسألتنا مثله. ثم إن عمر بن عبد العزيز قد قال:
" لو كان الطلاق ألفا ما أبقت البتة منه شيئا، فمن قال: البتة، فقد رمى الغاية القصوى " أخرجه مالك. وقد روى الدارقطني عن علي قال: الخلية والبرية والبتة والبائن والحرام ثلاث، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن البتة ثلاث، من طريق فيه لين، خرجه الدارقطني وسيأتي عند قوله تعالى: " ولا تتخذوا آيات الله هزوا " إن شاء الله تعالى (1).
السابعة - لم يختلف العلماء فيمن قال لامرأته: قد طلقتك، أنه من صريح الطلاق في المدخول بها وغير المدخول بها، فمن قال لامرأته: أنت طالق فهي واحدة إلا أن ينوى أكثر من ذلك. فإن نوى اثنتين أو ثلاثا لزمه ما نواه، فإن لم ينو شيئا فهي واحدة تملك الرجعة. ولو قال: أنت طالق، وقال: أردت من وثاق لم يقبل قوله ولزمه، إلا أن يكون هناك ما يدل على صدقه. ومن قال: أنت طالق واحدة، لا رجعة لي عليك فقوله: " لا رجعة لي عليك " باطل، وله الرجعة لقوله واحدة، لان الواحدة لا تكون ثلاثا، فإن نوى بقوله:
" لا رجعة لي عليك " ثلاثا فهي ثلاث عند مالك.
واختلفوا فيمن قال لامرأته: قد فارقتك، أو سرحتك، أو أنت خلية، أو برية، أو بائن، أو حبلك على غاربك، أو أنت على حرام، أو الحقي بأهلك، أو قد وهبتك لأهلك، أو قد خليت سبيلك، أو لا سبيل لي عليك، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف: هو طلاق بائن، وروى عن ابن مسعود وقال: إذا قال الرجل لامرأته استقلي بأمرك، أو أمرك لك، أو الحقي بأهلك فقبلوها فواحدة بائنة. وروى عن مالك فيمن قال لامرأته: قد فارقتك، أو سرحتك، أنه من صريح الطلاق، كقوله: أنت طالق. وروى عنه أنه كناية يرجع فيها إلى نية قائلها، ويسأل ما أراد من العدد، مدخولا بها كانت أو غير مدخول بها. قال ابن المواز: وأصح قوليه في التي لم يدخل بها أنها واحدة، إلا أن ينوى أكثر، وقاله ابن القاسم وابن عبد الحكم. وقال أبو يوسف: هي ثلاث، ومثله خلعتك، أو لا ملك لي عليك.