جبلين يهوى فيه الهاوي أربعين خريفا. وروى سفيان وعطاء بن يسار: أن الويل في هذه الآية واد يجرى بفناء جهنم من صديد أهل النار. وقيل: صهريج في جهنم. وحكى الزهراوي عن آخرين: أنه باب من أبواب جهنم. وعن ابن عباس: الويل المشقة من العذاب.
وقال الخليل: الويل شدة الشر (1). الأصمعي: الويل تفجع، والويح ترحم. سيبويه: ويل لمن وقع في الهلكة، وويح زجر لمن أشرف على الهلكة. ابن عرفة: الويل الحزن، يقال:
تويل الرجل إذا دعا بالويل، وإنما يقال ذلك عند الحزن والمكروه، ومنه قوله، " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ". وقيل: أصله الهلكة، وكل من وقع في هلكة دعا بالويل، ومنه قوله تعالى: " يا ويلتنا مال هذا الكتاب (2) ". وهي الويل والويلة، وهما الهلكة، والجمع الويلات، قال:
* له الويل إن أمسى ولا أم هاشم * وقال أيضا: * فقالت لك الويلات إنك مر جلى * وارتفع " ويل " بالابتداء، وجاز الابتداء به وإن كان نكرة لان فيه معنى الدعاء. قال الأخفش: ويجوز النصب على إضمار فعل، أي ألزمهم الله ويلا. وقال الفراء: الأصل في الويل " وي " أي حزن، كما تقول: وي لفلان، أي حزن له، فوصلته العرب باللام وقدروها منه فأعربوها. والأحسن فيه إذا فصل عن الإضافة الرفع، لأنه يقتضى الوقوع.
ويصح النصب على معنى الدعاء، كما ذكرنا.
قال الخليل: ولم يسمع على بنائه إلا ويح وويس وويه وويك وويل وويب، وكله يتقارب في المعنى. وقد فرق بينها انتصاب المصادر ويله وعوله وويحه وويسه، إذا أدخلت اللام رفعت فقلت: ويل له، وويح له.
الثانية - قوله تعالى: " للذين يكتبون " الكتابة معروفة. وأول من كتب بالقلم وخط به إدريس عليه السلام، وجاء ذلك في حديث أبي ذر، خرجه الآجري وغيره. وقد قيل: إن آدم عليه السلام أعطى الخط فصار وراثة في ولده.