ما كنت جاهلا يا محمد فلا تجهل علينا، من حدثك بهذا؟ ما خرج هذا الخبر إلا من عندنا!
روي هذا المعنى عن مجاهد.
قوله تعالى: " وإذا خلا " الأصل في " خلا " خلو، قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وتقدم معنى " خلا " في أول السورة (1). ومعنى " فتح " حكم. والفتح عند العرب:
القضاء والحكم، ومنه قوله تعالى: " ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين " (2) أي الحاكمين، والفتاح: القاضي بلغة اليمن، يقال: بيني وبينك الفتاح، قيل ذلك لأنه ينصر المظلوم على الظالم. والفتح: النصر، ومنه قوله: " يستفتحون على الذين كفروا "، (3)، وقوله: " إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح " (4). ويكون بمعنى الفرق بين الشيئين.
قوله تعالى: " ليحاجوكم " نصب بلام كي، وإن شئت بإضمار أن، وعلامة النصب، حذف النون. قال يونس: وناس من العرب يفتحون لام كي. قال الأخفش: لان الفتح الأصل. قال خلف الأحمر: هي لغة بني العنبر. ومعنى " ليحاجوكم " ليعيروكم، ويقولوا نحن أكرم على الله منكم. وقيل: المعنى ليحتجوا عليكم بقولكم، يقولون كفرتم به بعد أن وقفتم على صدقه. وقيل: إن الرجل من اليهود كان يلقي صديقه من المسلمين فيقول له: تمسك بدين محمد فإنه نبي حقا. " عند ربكم " قيل في الآخرة، كما قال: " ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون " (5). وقيل: عند ذكر ربكم. وقيل: " عند " بمعنى " في " أي ليحاجوكم به في ربكم، فيكونوا أحق به منكم لظهور الحجة عليكم، وروي عن الحسن. والحجة: الكلام المستقيم على الاطلاق، ومن ذلك محجة الطريق. وحاججت فلانا فحججته، أي غلبته بالحجة. ومنه الحديث: (فحج آدم موسى). " أفلا تعقلون " قيل: هو من قول الأحبار للاتباع. وقيل: هو خطاب من الله تعالى للمؤمنين، أي أفلا تعقلون أن بني إسرائيل لا يؤمنون وهم بهذه الأحوال. ثم وبخهم توبيخا يتلى فقال: " أولا يعلمون " الآية. فهو استفهام معناه التوبيخ والتقريع. وقرأ الجمهور " يعلمون " بالياء، وابن محيصن بالتاء، خطابا للمؤمنين. والذي أسروه كفرهم، والذي أعلنوه الجحد به.