والأماني جمع أمنية وهي التلاوة، وأصلها أمنوية على وزن أفعولة، فأدغمت الواو في الياء فانكسرت النون من أجل الياء فصارت أمنية، ومنه قوله تعالى: " إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته (1) " أي إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته. وقال كعب بن مالك:
تمنى كتاب الله أول ليلة * وآخره لاقى حمام المقادر وقال آخر:
تمنى كتاب الله آخر ليله * تمني داود الزبور على رسل والأماني أيضا الأكاذيب، ومنه قول عثمان رضي الله عنه: ما تمنيت منذ أسلمت، أي ما كذبت. وقول بعض العرب لابن دأب وهو يحدث: أهذا شئ رويته أم شئ تمنيته؟
أي افتعلته. وبهذا المعنى فسر ابن عباس ومجاهد " أماني " في الآية. والأماني أيضا ما يتمناه الانسان ويشتهيه. قال قتادة: " إلا أماني " يعني أنهم يتمنون على الله ما ليس لهم. وقيل:
الأماني التقدير، يقال: مني له أي قدر، قال الجوهري، وحكاه ابن بحر، وأنشد قول الشاعر: لا تأمنن وإن أمسيت في حرم * حتى تلاقي ما يمني لك ألماني (2) أي يقدر لك المقدر.
الثالثة - قوله تعالى " وإن هم إلا يظنون " " إن " بمعنى ما النافية، كما قال تعالى: " إن الكافرون إلا في غرور ". و " يظنون " يكذبون ويحدثون، لأنهم لا علم لهم بصحة ما يتلون، وإنما هم مقلدون لأحبارهم فيها يقرءون به.
قال أبو بكر الأنباري: وقد حدثنا أحمد بن يحيى النحوي أن العرب تجعل الظن علما وشكا وكذبا، وقال: إذا قامت براهين العلم فكانت أكثر من براهين الشك فالظن يقين، وإذا اعتدلت براهين اليقين وبراهين الشك فالظن شك، وإذا زادت براهين الشك على براهين اليقين فالظن كذب، قال الله عز وجل " وإن هم إلا يظنون " أراد إلا يكذبون.
الرابعة - قال علماؤنا رحة الله عليهم: نعت الله تعالى أحبارهم بأنه يبدلون ويحرقون فقال وقوله الحق: " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم " الآية. وذلك أنه لما درس