أمرهم الله تعالى، ويصبرون على الأذى، قال الله عز وجل: " ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا (1) "، وقال: " ود كثير من أهل الكتاب ".
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأول في العفو عنهم ما أمره الله به حتى أذن له فيهم، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا فقتل الله به من قتل من صناديد الكفار وسادات قريش، فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه غانمين منصورين، معهم أسارى من صناديد الكفار وسادات قريش، قال عبد الله بن أبي بن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه (2)، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاسلام، فأسلموا.
قوله تعالى: " حتى يأتي الله بأمره " يعني قتل قريظة وجلاء بني النضير. " إن الله على كل شئ قدير. وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " تقدم (3). والحمد لله تعالى.
قوله تعالى: " وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله " جاء في الحديث (أن العبد إذا مات قال الناس ما خلف وقالت الملائكة ما قدم). وخرج البخاري والنسائي عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله).
قالوا: يا رسول الله، ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله. مالك ما قدمت ومال وارثك ما أخرت)، لفظ النسائي. ولفظ البخاري: قال عبد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم: (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله) قالوا: يا رسول الله، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه، قال: (فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر). وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مر ببقيع الغرقد (4) فقال: السلام عليكم أهل القبور، أخبار ما عندنا أن نساءكم قد تزوجن، ودوركم قد سكنت، وأموالكم قد قسمت. فأجابه هاتف: يا بن الخطاب أخبار ما عندنا أن ما قدمناه وجدناه، وما أنفقناه فقد ربحناه، وما خلفناه فقد خسرناه.
ولقد أحسن القائل:
قدم لنفسك قبل موتك صالحا * واعمل فليس إلى الخلو سبيل