الخامسة عشرة - اختلف العلماء في هيئة الصلاة بالمزدلفة على وجهين: أحدهما - الأذان والإقامة. والاخر: هل يكون جمعهما متصلا لا يفصل بينهما بعمل، أو يجوز العمل بينهما وحط الرحال ونحو ذلك، فأما الأذان والإقامة فثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة بأذان واحد وإقامتين. أخرجه الصحيح من حديث جابر الطويل، وبه قال أحمد بن حنبل وأبو ثور وابن المنذر. وقال مالك:
يصليهما بأذانين وإقامتين، وكذلك الظهر والعصر بعرفة، إلا أن ذلك في أول وقت الظهر بإجماع. قال أبو عمر: لا أعلم فيما قاله مالك حديثا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه، ولكنه روي عن عمر بن الخطاب، وزاد ابن المنذر ابن مسعود. ومن الحجة لمالك في هذا الباب من جهة النظر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاتين بمزدلفة وعرفة أن الوقت لهما جميعا وقت واحد، وإذا كان وقتهما واحدا وكانت كل صلاة تصلى في وقتها لم تكن واحدة منهما أولى بالاذان والإقامة من الأخرى، لان ليس واحدة منهما تقضي، وإنما هي صلاة تصلى في وقتها، وكل صلاة صليت في وقتها سنتها أن يؤذن لها وتقام في الجماعة، وهذا بين، والله أعلم. وقال آخرون: أما الأولى منهما فتصلى بأذان وإقامة، وأما الثانية فتصلى بلا أذان ولا إقامة. قالوا: وإنما أمر عمر بالتأذين الثاني لان الناس قد تفرقوا لعشائهم فأذن ليجمعهم. قالوا: وكذلك نقول إذا تفرق الناس عن الامام لعشاء أو غيره، أمر المؤذنين فأذنوا ليجمعهم، وإذا أذن أقام. قالوا: فهذا معنى ما روي عن عمر، وذكروا حديث عبد الرحمن بن يزيد قال: كان ابن مسعود يجعل العشاء بالمزدلفة بين الصلاتين، وفي طريق أخرى وصلى كل صلاة بأذان وإقامة، ذكره عبد الرزاق. وقال آخرون: تصلى الصلاتان جميعا بالمزدلفة بإقامة ولا أذان في شئ منهما، روي عن ابن عمر وبه قال الثوري. وذكر عبد الرزاق وعبد الملك بن الصباح عن الثوري عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع، صلى المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة. وقال آخرون: تصلى الصلاتان جميعا بين