عذر يعيد متى ما علم، بمنزلة من قد صلى قبل الزوال، لقوله عليه السلام: (الصلاة أمامك).
وبه قال أبو حنيفة. وقال أشهب: لا إعادة عليه، إلا أن يصليهما قبل مغيب الشفق فيعيد العشاء وحدها، وبه قال الشافعي، وهو الذي نصره القاضي أبو الحسن، واحتج له بأن هاتين صلاتان سن الجمع بينهما، فلم يكن ذلك شرطا في صحتهما، وإنما كان على معنى الاستحباب، كالجمع بين الظهر والعصر بعرفة. واختار ابن المنذر هذا القول، وحكاه عن عطاء بن أبي رباح وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وسعيد بن جبير وأحمد وإسحاق وأبي ثور ويعقوب. وحكي عن الشافعي أنه قال: لا يصلي حتى يأتي المزدلفة، فإن أدركه نصف الليل قبل أن يأتي المزدلفة صلاهما.
الثالثة عشرة - ومن أسرع فأتى المزدلفة قبل مغيب الشفق فقد قال ابن حبيب:
لا صلاة لمن عجل إلى المزدلفة قبل مغيب الشفق، [لا لامام ولا غيره حتى يغيب الشفق] (1)، لقوله عليه السلام: (لصلاة أمامك) ثم صلاها بالمزدلفة بعد مغيب الشفق. [ومن جهة (1)] المعنى أن وقت هذه الصلاة بعد مغيب الشفق]، فلا يجوز أن يؤتي بها قبله، ولو كان لها وقت قبل مغيب الشفق لما أخرت عنه.
الرابعة عشرة - وأما من أتى عرفة بعد دفع الامام، أو كان له عذر ممن وقف مع الامام فقد قال ابن المواز: من وقف بعد الامام فليصل كل صلاة لوقتها. وقال مالك فيمن كان له عذر يمنعه أن يكون مع الامام: إنه يصلي إذا غاب الشفق الصلاتين يجمع بينهما.
وقال ابن القاسم فيمن وقف بعد الامام: إن رجا أن يأتي المزدلفة ثلث الليل فليؤخر الصلاة حتى يأتي المزدلفة، وإلا صلى كل صلاة لوقتها. فجعل ابن المواز تأخير الصلاة إلى المزدلفة لمن وقف مع الامام دون غيره، وراعي مالك الوقت دون المكان، واعتبر ابن القاسم الوقت المختار للصلاة والمكان، فإذا خاف فوات الوقت المختار بطل اعتبار المكان، وكان مراعاة وقتها المختار أولى.