مخصوص. وأجمع العلماء على أنه ليس بواجب، وهو قربة من القرب ونافلة من النوافل عمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأزواجه، ويلزمه إن ألزمه نفسه، ويكره الدخول فيه لمن يخاف عليه العجز عن الوفاء بحقوقه.
الثامنة والعشرون - أجمع العلماء على أن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد، لقول الله تعالى " في المساجد ". واختلفوا في المراد بالمساجد، فذهب قوم إلى أن الآية خرجت على نوح من المساجد، وهو ما بناه نبي كالمساجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومسجد إيلياء (1)، روى هذا عن حذيفة بن اليمان وسعد بن المسيب، فلا يجوز الاعتكاف عندهم في غيرها. وقال آخرون: لا اعتكاف إلا في مسجد تجمع فيه الجمعة، لان الإشارة في الآية عندهم إلى ذلك الجنس من المساجد، روى هذا عن علي بن أبي طالب وابن مسعود، وهو قول عروة والحكم وحماد والزهري وأبى جعفر محمد بن علي، وهو أحد قولي مالك.
وقال آخرون: الاعتكاف في كل مسجد جائز، يروى هذا القول عن سعيد بن جبير وأبى قلابة وغيرهم، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وأصهابهما. وحجتهم حمل الآية على عمومها في كل مسجد له إمام ومؤذن، وهو أحد قولي مالك، وبه يقول ابن علية وداود بن علي والطبري وابن المنذر.
وروى الدارقطني عن الضحاك عن حذيفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كل مسجد له مؤذن وإمام فالاعتكاف فيه يصلح ". قال الدارقطني: والضحاك لم يسمع من حذيفة.
التاسعة والعشرون - وأقل الاعتكاف عند مالك وأبي حنيفة يوم وليلة، فإن قال:
لله على اعتكاف ليلة لزمه اعتكاف ليلة ويوم. وكذلك إن نذر اعتكاف يوم لزمه يوم وليلة.
وقال سحنون: من نذر اعتكاف ليلة فلا شئ على، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن نذر يوما فعليه يوم بغير ليلة، وإن نذر ليلة فلا شئ عليه. كما قال سحنون. قال الشافعي: عليه ما نذر، إن نذر ليلة فليلة، وإن نذر يوما فيوما. قال الشافعي: أقله لحظة ولا حد لأكثره. وقال بعض