ألا أبلغ أبا حفص رسولا * فدى لك من أخي ثقة إزاري قال أبو عبيد: أي نسائي. وقيل نفسي. وقال الربيع: هن فراش لكم، وأنتم لحاف لهن. مجاهد: أي سكن لكم، أي يسكن بعضكم إلى بعض.
الرابعة - قوله تعالى: " علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم " يستأمر بعضكم بعضا في مواقعة المحظور من الجماع والاكل بعد النوم في ليالي الصوم، كقوله تعالى: " تقتلون أنفسكم " [البقرة: 85] يعني يقتل بعضكم بعضا. ويحتمل أن يريد به كل واحد منهم في نفسه بأنه يخونها، وسماه خائنا لنفسه من حيث كان ضرره عائدا عليه، كما تقدم. وقوله تعالى: " فتاب عليكم " يحتمل معنيين: أحدهما - قبول التوبة من خيانتهم لأنفسهم. والاخر - التخفيف عنهم بالرخصة والإباحة، كقوله تعالى: " علم أن لن تحصوه فتاب عليكم (1) " [المزمل: 20] يعني خفف عنكم. وقوله عقيب القتل الخطأ: " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله (2) " [النساء: 92] يعني تخفيفا، لان القاتل خطأ لم يفعل شيئا تلزمه التوبة منه، وقال تعالى: " لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة (3) " [التوبة: 117] وإن لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم ما يوجب التوبة منه. وقوله تعالى: " فعفا عنكم " يحتمل العفو من الذنب، ويحتمل التوسعة والتسهيل، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله) يعني تسهيله وتوسعته.
فمعنى " علم الله " أي علم وقوع هذا منكم مشاهدة " فتاب عليكم " بعد ما وقع، أي خفف عنكم " وعفا " أي سهل. و " تختانون " من الخيانة، كما تقدم. قال ابن العربي: " وقال علماء الزهد: وكذا فلتكن العناية وشرف المنزلة، خان نفسه عمر رضي الله عنه فجعلها الله تعالى شريعة، وخفف من أجله عن الأمة فرضي الله عنه وأرضاه ".
قوله تعالى: " فالآن باشروهن " كناية عن الجماع، أي قد أحل لكم ما حرم عليكم. وسمي الوقاع مباشرة لتلاصق البشرتين فيه. قال ابن العربي: " وهذا يدل على أن سبب الآية جماع عمر رضي الله عنه لا جوع قيس، لأنه لو كان السبب جوع قيس لقال: فالآن كلوا، ابتدأ به لأنه المهم الذي نزلت الآية لأجله.