بلزومها إلى عيسى عليه السلام. ويقال: رسل ورسل لغتان، الأولى لغة الحجاز، والثانية لغة تميم، وسواء كان مضافا أو غير مضاف. وكان أبو عمرو يخفف إذا أضاف إلى حرفين، ويثقل إذا أضاف إلى حرف واحد.
قوله تعالى: " واتينا عيسى ابن مريم البينات " أي الحجج والدلالات، وهي التي ذكرها الله في " آل عمران " و " المائدة " (1)، قاله ابن عباس. " أيدناه " أي قويناه. وقرأ مجاهد وابن محيصن " آيدناه " بالمد، وهما لغتان. " بروح القدس " روى أبو مالك وأبو صالح عن ابن عباس ومعمر عن قتادة قالا: جبريل عليه السلام. وقال حسان:
وجبريل رسول الله فينا * وروح القدس ليس به خفاء قال النحاس: وسمي جبريل روحا وأضيف إلى القدس، لأنه كان بتكوين الله عز وجل له روحا من غير ولادة والد ولده، وكذلك سمي عيسى روحا لهذا. وروى غالب بن عبد الله عن مجاهد قال: القدس هو الله عز وجل. وكذا قال الحسن: القدس هو الله، وروحه جبريل. وروى أبو روق عن الضحاك عن ابن عباس: " بروح القدس " قال: هو الاسم الذي كان يحيي به عيسى الموتى، وقاله سعيد بن جبير وعبيد بن عمير، وهو اسم الله الأعظم.
وقيل: المراد الإنجيل، سماه روحا كما سمى الله القرآن روحا في قوله تعالى: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا (2) ". والأول أظهر، والله تعالى أعلم. والقدس: الطهارة. وقد تقدم (3).
قوله تعالى: " أفكلما جاءكم رسول بمالا تهوى أنفسكم " أي بما لا يوافقها ويلائمها، وحذفت الهاء لطول الاسم، أي بما لا تهواه. " استكبرتم " عن إجابته احتقارا للرسل، واستبعادا للرسالة. وأصل الهوى الميل إلى الشئ، وبجمع أهواء، كما جاء في التنزيل، ولا يجمع أهوية، على أنهم قد قالوا في ندى أندية، قال الشاعر:
في ليلة من جمادى ذات أندية * لا يبصر الكلب في ظلمائها الطنبا (4)