إذا خاطبت واحدة مؤنثة، فلما ثنينت أو جمعت لم يبق إلا الضمة. " هؤلاء " قال القتبي: التقدير يا هؤلاء. قال النحاس: هذا خطأ على قول سيبويه، ولا يجوز هذا أقبل. وقال الزجاج: هؤلاء بمعنى الذين. و " تقتلون " داخل في الصلة، أي ثم أنتم الذين تقتلون. وقيل: " هؤلاء " رفع بالابتداء، و " أنتم " خبر مقدم، و " تقتلون " حال من أولاء. وقيل: " هؤلاء " نصب بإضمار أعني. وقرأ الزهري " تقتلون " بضم التاء مشددا، وكذلك " فلم تقتلون أنبياء الله ". وهذه الآية خطاب للمواجهين لا يحتمل رده إلى الأسلاف. نزلت في بني قينقاع وقريظة والنضير من اليهود، وكانت بنو قينقاع أعداء قريظة، وكانت الأوس حلفاء بني قينقاع، والخزرج حلفاء بني قريظة. والنضير والأوس والخزرج إخوان، وقريظة والنضير أيضا إخوان، ثم افترقوا فكانوا يقتتلون، ثم يرتفع الحرب فيفدون أساراهم، فعيرهم الله بذلك فقال: " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم ".
قوله تعالى: " تظاهرون " معنى " تظاهرون " تتعاونون، مشتق من الظهر، لان بعضهم يقوي بعضا فيكون له كالظهر، ومنه قول الشاعر:
تظاهرتم أستاه بيت تجمعت (1) * على واحد لا زلتم قرن واحد والاثم: الفعل الذي يستحق عليه صاحبه الذم. والعدوان: الافراط في الظلم والتجاوز فيه.
وقرأ أهل المدينة وأهل مكة " تظاهرون " بالتشديد، يدغمون التاء في الظاء لقربها منها، والأصل تتظاهرون. وقرأ الكوفيون " تظاهرون " مخففا، حذفوا التاء الثانية لدلالة الأولى عليها، وكذا " وإن تظاهرا عليه (2) ". وقرأ قتادة " تظهرون عليهم " وكله راجع إلى معنى التعاون، ومنه: " وكان الكافر على ربه ظهيرا (3) " وقوله: " والملائكة بعد ذلك ظهير " فاعلمه (4).
قوله تعالى: " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم " فيه ست مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " وإن يأتوكم أسارى " شرط، وجوابه: " تفادوهم " و " أسارى " نصب على الحال. قال أبو عبيد وكان أبو عمرو يقول: ما صار في أيديهم فهم