الحديث . والأول أظهر، وأن معناه علم المعاينة الذي يوجب الجزاء، وهو سبحانه عالم الغيب والشهادة، علم ما يكون قبل أن يكون، تختلف الأحوال على المعلومات وعلمه لا يختلف بل يتعلق بالكل تعلقا واحدا. وهكذا كل ما ورد في الكتاب من هذا المعنى من قوله تعالى:
" وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء (1) "، " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين (2) " وما أشبه. والآية جواب لقريش في قولهم: " ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها " وكانت قريش تألف الكعبة، فأراد الله عز وجل أن يمتحنهم بغير ما ألفوه ليظهر من يتبع الرسول ممن لا يتبعه. وقرأ الزهري " إلا ليعلم " ف " من " في موضع رفع على هذه القراءة، لأنها اسم ما لم يسم فاعله. وعلى قراءة الجماعة في موضع نصب على المفعول. " يتبع الرسول " يعني فيما أمر به من استقبال الكعبة. " ممن ينقلب على عقبيه " يعني ممن يرتد عن دينه، لان القبلة لما حولت ارتد من المسلمين قوم ونافق قوم. ولهذا قال: " وإن كانت لكبيرة " أي تحويلها، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة. والتقدير في العربية: وإن كانت التحويلة.
قوله تعالى: " وإن كانت لكبيرة " ذهب الفراء إلى أن " إن " واللام بمعنى ما وإلا، والبصريون يقولون: هي إن الثقيلة خففت. وقال الأخفش: أي وإن كانت القبلة أو التحويلة أو التولية لكبيرة. " إلا على الذين هدى الله " أي خلق الهدى الذي هو الايمان في قلوبهم، كما قال تعالى: " أولئك كتب في قلوبهم الايمان (3) ".
قوله تعالى: " وما كان الله ليضيع إيمانكم " اتفق العلماء على أنها نزلت فيمن مات وهو يصلي إلى بيت المقدس، كما ثبت في البخاري من حديث البراء بن عازب، على ما تقدم (4).
وخرج الترمذي عن ابن عباس قال: لما وجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة قالوا:
يا رسول الله، كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله تعالى:
" وما كان الله ليضيع إيمانكم " الآية، قال: هذا حديث حسن صحيح. فسمى الصلاة إيمانا لاشتمالها على نية وقول وعمل. وقال مالك: إني لاذكر بهذه الآية قول المرجئة:
إن الصلاة ليست من الايمان. وقال محمد بن إسحاق: " وما كان الله ليضيع إيمانكم " أي