حدثت شبهات لم تسبقهم استخرجوا أجوبتها من الأصول.
ولو سلمنا أنهم كانوا غير عارفين بما يعرفه المتكلمون لم يدل على ما قالوه لأنه لا يجوز أن يكونوا عالمين بالله تعالى على وجه الجملة وخرجوا بذلك عن حد التقليد وتشاغلوا بالعبادة أو الفقه أو التجارة، ولم ينقدح لهم فيما اعتقدوه شك ولا خطرت لهم شبهة يحتاجون إلى حلها، فاقتنعوا بذلك وكانوا بذلك قد أدوا ما وجب عليهم.
والمتكلمون لما أفرغوا وسعهم لعلم هذه الصناعة خطرت لهم شبهات ووردت عليهم خواطر لزمهم حل ذلك والتفتيش عنه حتى لا يعود ذلك بالنقض على ما علموه.
وكل من يجري مجراهم ممن تخطر له هذه الشبهات فإنه يلزمه حلها ولا يجوز له الاقتصار على علم الجملة، فإنه لا يسلم له ذلك مع هذه الشبهة. ومن لا يخطر له ذلك لبلادته أو لعدوله عنه أو تشاغله بعبادة أو فقه أو دين، فإنه لا يلزمه التغلغل فيه ولا البحث عن الشبهات حتى يلهه ويلزمه التفتيش عنها والأجوبة عنها.
وإن فرضنا في آحاد الناس من لم يحصل له علم الجملة ولا علم التفصيل وإنما هو على تقليد محض، فإنه مخطئ ضال عن طريق الحق وليس يتميز له ذلك.
فإن قالوا: أكثر من أو مأتم إليه إذا سألته عن ذلك لا يحسن الجواب عنه.
قلنا: وذلك أيضا لا يلزم، لأنه لا يمتنع أن يكون عارفا على الجملة وإن تعذرت عليه العبارة عما يعتقده، فتعذر العبارة عما في النفس لا يدل على بطلان ذلك ولا ارتفاعه.
فإن قيل: قد ذكرتم أنه يخرج الإنسان عن حد التقليد بعلم الجملة، ما