فوجب إمامة من يدعى إمامته، لأن الناس في عصرنا بين أقوال، منهم من يدعى إمامة من لا يدعى القطع على عصمته فقوله يبطل لما قدمناه، فلم يبق بعد ذلك إلا القول بإمامته وإلا خرج الحق عن الأمة.
فإذا ثبتت إمامته ووجدناه لم يظهر علمنا أن لاستتاره سببا مبيحا له ذلك ولولاه لم يجز له الاستتار لكونه معصوما. ولا يلزم أن يعلم ذلك السبب مفصلا كما نقول لمن طعن في إثبات الصانع بخلق المؤذيات وفعل الآلام وغير ذلك بأن نقول: إذا ثبتت حكمته تعالى علمنا أن هذه الأشياء لها وجه حكمة وإن لم نعلمه مفصلا.
وبذلك نجيب من طعن في متشابه القرآن، وإن تكلفنا الكلام في تفصيل ذلك فللاستظهار والقوة وإلا فالقدر الذي ذكرناه كاف في الحجة.
وإذا ثبتت ووجدنا التكليف دائما على المكلف كان علمنا أن استتاره لشئ يرجع إليهم، لأنه لو لم يكن يرجع إليهم لما حسن تكليفهم.
ولا يلزم أن نعلم ذلك الأمر مفصلا، كما نقول لمن أخل بشرط من شروط النظر فلم يحصل له العلم بالله: إنك قد أخللت بشرط من شروط النظر فتحتاج إلى أن تراجع وتعود فيه أبدا حتى يحصل لك العلم. وكذلك من لم يظهر له الإمام ينبغي أن يراجع نفسه ويصلح سيرته، فإذا علم الله تعالى منه صدق النية في نصرة الإمام وأنه لا يتغير عن ذلك ظهر له الإمام.
وقيل في ذلك: أنه لا يمتنع أن يكون من لم يظهر له الإمام المعلوم من حاله أنه إذا ظهر له سيرته وألقى خبره إلى غيره من أوليائه وإخوانه فربما انتهى إلى شياع خبره وفساد أمره.
وقيل أيضا: أنه لا يمتنع إذا ظهر وظهر على يده علم معجز فإنه لا بد من ذلك لأن غيبته غير معلومة، وإذا كان كذلك دخلت عليه شبهة فيعتقد أنه مدع لما لا