من الناس، بالتصرف في سعة إطلاقه، ويكون المراد بالعصمة عصمته صلى الله عليه وآله وسلم من أن يناله الناس بسوء دون أن ينال بغيته في تبليغ هذا الحكم وتقريره بين الأمة كأن يقتلوه دون أن يبلغه أو يثوروا عليه ويقلبوا عليه الأمور أو يتهموه بما يرتد به المؤمنون عن دينه، أو يكيدوا كيدا يميت هذا الحكم ويقبره بل الله يظهر كلمة الحق ويقيم الدين على ما شاء وأينما شاء ومتى ما شاء وفيمن شاء، قال تعالى: " إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين و كان الله على ذلك قديرا) (النساء: 133).
وأما أخذ الآية أعني قوله: " والله يعصمك من الناس " بإطلاقه على ما فيه من السعة والشمول فمما ينافيه القرآن والمأثور من الحديث والتاريخ القطعي، وقد نال صلى الله عليه وآله وسلم من أمته أعم من كفارهم ومؤمنيهم ومنافقيهم من المصائب والمحن وأنواع الزجر والأذى ما ليس في وسع أحد أن يتحمله إلا نفسه الشريفة، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم - كما في الحديث المشهور -: ما اوذى نبي مثل ما أوذيت قط.
(بحث روائي) في تفسير العياشي عن أبي صالح، عن ابن عباس وجابر بن عبد الله قالا: أمر الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أن ينصب عليا علما في الناس ليخبرهم بولايته فتخوف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقولوا: خابى (1) ابن عمه وأن يطعنوا (2) في ذلك عليه. قال فأوحى الله إليه هذه الآية: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بولايته يوم غدير خم.
وفيه عن حنان بن سدير، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما نزل جبرئيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع بإعلان أمر علي بن أبي طالب عليه السلام " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " إلى آخر الآية. قال: فمكث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثا حتى أتى الجحفة فلم يأخذ بيده فرقا من الناس.
فلما نزل الجحفة يوم غدير في مكان يقال له " مهيعة " فنادى الصلاة جامعة،