بتبديل الاشخاص أمما وأول من سنه على ما يقال " اغوست كنت الفرنسي المتوفى سنة 1857 ميلادية.
وبالجملة لازم ذلك على ما مرت الإشارة إليه تكون قوى وخواص اجتماعية قوية تقهر القوى والخواص الفردية عند التعارض والتضاد على أن الحس والتجربة يشهدان بذلك في القوى والخواص الفاعلة والمنفعلة معا فهمة الجماعة وإرادتها في أمر كما في موارد الغوغاءات وفي الهجمات الاجتماعية لا تقوم لها إرادة معارضة ولا مضادة من واحد من أشخاصها وأجزائها فلا مفر للجزء من أن يتبع كله ويجري على ما يجري عليه حتى أنه يسلب الشعور والفكر من أفراده وأجزائه وكذا الخوف العام والدهشة العامة كما في موارد الانهزام وانسلاب الامن والزلزلة والقحط والوباء أو ما هو دونها كالرسومات المتعارفة والأزياء القومية ونحوهما تضطر الفرد على الاتباع وتسلب عنه قوة الادراك والفكر.
وهذا هو الملاك في اهتمام الاسلام بشأن الاجتماع ذلك الاهتمام الذي لا نجد ولن نجد ما يماثله في واحد من الأديان الاخر ولا في سنن الملل المتمدنة ولعلك لا تكاد تصدق ذلك فإن تربية الأخلاق والغرائز في الفرد وهو الأصل في وجود المجتمع لا تكاد تنجح مع كينونة الأخلاق والغرائز المعارضة والمضادة القوية القاهرة في المجتمع إلا يسيرا لا قدر له عند القياس والتقدير.
فوضع أهم أحكامه وشرائعه كالحج والصلاة والجهاد والانفاق وبالجملة التقوى الديني على أساس الاجتماع وحافظ على ذلك مضافا إلى قوى الحكومة الاسلامية الحافظة لشعائر الدين العامة وحدودها ومضافا إلى فريضة الدعوة إلى الخير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر العامة لجميع الأمة بجعل غرض المجتمع الاسلامي - وكل مجتمع لا يستغني عن غرض مشترك - هي السعادة الحقيقية والقرب والمنزلة عند الله وهذا رقيب باطني لا يخفى عليه ما في سريرة الانسان وسره - فضلا عما في ظاهره - وإن خفي على طائفة الدعاة وجماعة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا هو الذي ذكرنا أن الاسلام تفوق سنة اهتمامه بشأن الاجتماع سائر السنن والطرائق.