الخلق لاح لهم أن الله سيحشر الناس للجزاء وأنه تعالى سيجزى هناك الظالمين جزاء خزى وهو النار ولا راد يرد مصلحة العقاب وإلا لبطل الخلقة وهذا معنى قولهم فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار.
قوله تعالى ربنا إننا سمعنا مناديا المراد بالمنادي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقوله أن آمنوا بيان للنداء وأن تفسيرية ولما ذكروا إيمانهم بالمنادي وهو الرسول وهو يخبرهم بأمور عن الله تعالى يحذرهم من بعضها كالذنوب والسيئات والموت على الكفر والذنب ويرغبهم في بعضها كالمغفرة والرحمة وتفاصيل الجنة التي وعد الله عباده المؤمنين الأبرار بها سألوا ربهم أن يغفر لهم ويكفر عن سيئاتهم ويتوفاهم مع الأبرار وسألوه أن ينجزهم ما وعدهم من الجنة والرحمة على ما ضمنه لهم الرسل بإذن الله فقالوا فاغفر لنا ذنوبنا الخ فقوله تعالى على رسلك أي حملته على رسلك وضمنه عليك الرسل وقوله ولا تخزنا أي بإخلاف الوعد ولذا عقبه بقوله إنك لا تخلف الميعاد.
وقد تبين من الآيات أنهم إنما حصلوا الاعتقاد بالله واليوم الآخر وبأن لله رسلا بالنظر في الآيات وأما تفاصيل ما جاء به النبي فمن طريق الايمان بالرسول فهم على الفطرة فيما يحكم به الفطرة وعلى السمع والطاعة فيما فيه ذلك.
قوله تعالى " فاستجاب لهم ربهم " الخ التعبير بالرب وإضافته إليهم يدل على ثوران الرحمة الإلهية ويدل عليه أيضا التعميم الذي في قوله أني لا اضيع عمل عامل منكم فلا فرق عنده تعالى بين عمل وعمل ولا بين عامل وعامل.
وعلى هذا فقوله تعالى في مقام التفريع: فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم وأوذوا الخ في مقام تفصيل صالحات الأعمال لتثبيت ثوابها والواو للتفصيل دون الجمع حتى يكون لبيان ثواب المستشهدين من المهاجرين فقط.
والآية مع ذلك لا تفصل إلا الأعمال التي تندب إليها هذه السورة وتبالغ في التحريص والترغيب فيها وهو إيثار الدين على الوطن وتحمل الأذى في سبيل الله والجهاد.
والظاهر أن المراد بالمهاجرة ما يشمل المهاجرة عن الشرك والعشيرة والوطن لاطلاق اللفظ ولمقابلته قوله واخرجوا من ديارهم وهو هجره خاصه ولقوله