ويعود معنى الرواية إلى أن الخطأ في مسألة من المسائل لا يستوعب الأمة بل يكون دائما فيهم من هو على الحق إما كلهم أو بعضهم ولو معصوم واحد فيوافق ما دل من الآيات والروايات على أن دين الاسلام وملة الحق لا يرتفع من الأرض بل هو باق إلى يوم القيامة قال تعالى فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين: الانعام:
89 وقوله وجعلها كلمة باقية في عقبه: الزخرف - 28 وقوله إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون: الحجر - 9 وقوله وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه: فصلت - 42 إلى غير ذلك من الآيات.
وليس يختص هذا بأمة محمد بل الصحيح من الروايات تدل على خلافه وهي الروايات الواردة من طرق شتى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الدالة على افتراق اليهود على إحدى وسبعين فرقة والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة والمسلمين على ثلاث وسبعين فرقة كلهم هالك إلا واحدة وقد نقلنا الرواية في المبحث الروائي الموضوع في ذيل قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا: آل عمران - 103.
وبالجملة لا كلام على متن الرواية إن صح سندها فإنها أجنبية عن مورد الكلام وإنما الكلام في معنى عصمة أهل الحل والعقد من الأمة لو كان هو المراد بقوله وأولي الامر منكم.
ما هو العامل الموجب لعصمة أهل الحل والعقد من المسلمين فيما يرونه من الرأي؟ هذه العصابة التي شأنها الحل والعقد في الأمور غير مختصة بالأمة المسلمة بل كل أمة من الأمم العظام بل الأمم الصغيرة بل القبائل والعشائر لا تفقد عدة من أفرادها لهم مكانة في مجتمعهم ذات قوة وتأثير في الأمور العامة وأنت إذا فحصت التاريخ في الحوادث الماضية وما في عصرنا من الأمم والأجيال وجدت موارد كثيرة اجتمعت أهل الحل والعقد منهم في مهام الأمور وعزائمها على رأي استصوبوه ثم عقبوه بالعمل فربما أصابوا وربما أخطأوا فالخطأ وإن كان في الآراء الفردية أكثر منه في الآراء الاجتماعية لكن الآراء الاجتماعية ليست بحيث لا تقبل الخطأ أصلا فهذا التاريخ وهذه المشاهدة يشهدان منه على مصاديق وموارد كثيرة جدا.
فلو كان الرأي الاجتماعي من أهل الحل والعقد في الاسلام مصونا عن الخطأ فإنما هو بعامل ليس من سنخ العوامل العادية بل عامل من سنخ العوامل المعجزة الخارقة