من وجوه الأمة لكن الشأن في تطبيق مضمون تمام الآية على هذا الاحتمال.
الآية دالة كما عرفت على عصمة اولي الامر وقد اضطر إلى قبول ذلك القائلون بهذا المعنى من المفسرين.
فهل المتصف بهذه العصمة أفراد هذه الهيئة فيكون كل واحد واحد منهم معصوما فالجميع معصوم إذ ليس المجموع إلا الآحاد؟ لكن من البديهي أن لم يمر بهذه الأمة يوم يجتمع فيه جماعة من أهل الحل والعقد كلهم معصومون على إنفاذ أمر من أمور الأمة ومن المحال أن يأمر الله بشئ لا مصداق له في الخارج أو أن هذه العصمة وهي صفة حقيقية قائمة بتلك الهيئة قيام الصفة بموصوفها وإن كانت الاجزاء والافراد غير معصومين بل يجوز عليهم من الشرك والمعصية ما يجوز على سائر أفراد الناس فالرأي الذي يراه الفرد يجوز فيه الخطأ وأن يكون داعيا إلى الضلال والمعصية بخلاف ما إذا رأته الهيئة المذكورة لعصمتها؟ وهذا أيضا محال وكيف يتصور اتصاف موضوع اعتباري بصفة حقيقية أعني اتصاف الهيئة الاجتماعية بالعصمة.
أو أن عصمة هذه الهيئة ليست وصفا لافرادها ولا لنفس الهيئة بل حقيقته أن الله يصون هذه الهيئة أن تأمر بمعصية أو ترى رأيا فتخطئ فيه كما أن الخبر المتواتر مصون عن الكذب ومع ذلك ليست هذه العصمة بوصف لكل واحد من المخبرين ولا للهيئة الاجتماعية بل حقيقته أن العادة جارية على امتناع الكذب فيه وبعبارة أخرى هو تعالى يصون الخبر الذي هذا شأنه عن وقوع الخطأ فيه وتسرب الكذب عليه فيكون رأي اولي الامر مما لا يقع فيه الخطأ البتة وإن لم يكن آحادهم ولا هيئتهم متصفة بصفة زائدة بل هو كالخبر المتواتر مصون عن الكذب والخطأ وليكن هذا معنى العصمة في اولي الامر والآية لا تدل على أزيد من أن رأيهم غير خابط بل مصيب يوافق الكتاب والسنة وهو من عناية الله على الأمة وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لا تجتمع أمتي على خطأ.
أما الرواية فهي أجنبية عن المورد فإنها إن صحت فإنما تنفي اجتماع الأمة على خطأ ولا تنفى اجتماع أهل الحل والعقد منهم على خطأ وللأمة معنى ولأهل الحل والعقد معنى آخر ولا دليل على إرادة معنى الثاني من لفظ الأول وكذا لا تنفي الخطأ عن اجتماع الامه بل تنفي الاجتماع على خطأ وبينهما فرق.