وبالجملة لا يترجح آية إن الله لا يغفر على آيات الشفاعة بأمر زائد في مضمونها يمهد لهم ما ذكروه.
فليس يسعهم أن يفهموا من آيات الكبائر تحتم النار حتى يجوز لهم الشهادة على مرتكبها بالنار ولا يسعهم أن يفهموا من آية المغفرة إن الله لا يغفر أن يشرك به الخ أمرا ليس يفتهم من آيات الشفاعة حتى يوجب لهم القول بنسخها أو تخصيصها أو تقييدها آيات الكبائر.
ويومى إلى ذلك ما ورد في بعض هذه الروايات وهو ما رواه في الدر المنثور عن ابن الضريس وأبى يعلى وابن المنذر وابن عدي بسند صحيح عن ابن عمر قال: كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر - حتى سمعنا من نبينا صلى الله عليه وسلم - إن الله لا يغفر أن يشرك به - ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء - وقال إني ادخرت دعوتي شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي - فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا - ثم نطقنا بعد ورجونا فظاهر الرواية أن الذي فهموه من آية المغفرة فهموا مثله من حديث الشفاعة لكن يبقى عليه سؤال آخر وهو أنه ما بالهم فهموا جواز مغفرة الكبائر من حديث الشفاعة ولم يكونوا يفهمونه من آيات الشفاعة المكية على كثرتها ودلالتها وطول العهد ما أدرى.
وفي الدر المنثور ": في قوله أ لم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب - إلى قوله سبيلا ": أخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر في تاريخه عن جابر بن عبد الله قال ": لما كان من أمر النبي صلى الله عليه وسلم - ما كان اعتزل كعب بن الأشرف ولحق بمكة وكان بها - وقال لا أعين عليه ولا أقاتله فقيل له بمكة - يا كعب أ ديننا خير أم دين محمد وأصحابه - قال دينكم خير وأقدم ودين محمد حديث - فنزلت فيه - أ لم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب الآية.
أقول وفي سبب نزول الآية روايات على وجوه مختلفة أسلمها ما أوردناه غير أن الجميع تشترك في أصل القصة وهو أن بعضا من اليهود حكموا لقريش على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن دينهم خير من دينه.
وفي تفسير البرهان: في قوله تعالى أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله الآية: عن الشيخ في أماليه بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام أم يحسدون الناس