الامر ظاهرا أمكن أن يتوهم متوهم أن أولي الأمر هؤلاء لا يجب فيهم العصمة ولا يتوقف عليها الآية في استقامة معناها.
بيان ذلك أن الذي تقرره الآية حكم مجعول لمصلحة الأمة يحفظ به مجتمع المسلمين من تسرب الخلاف والتشتت فيهم وشق عصاهم فلا يزيد على الولاية المعهودة بين الأمم والمجتمعات تعطى للواحد من الانسان افتراض الطاعة ونفوذ الكلمة وهم يعلمون أنه ربما يعصى وربما يغلط في حكمه لكن إذا علم بمخالفته القانون في حكمه لا يطاع فيه وينبه فيما أخطأ وفيما يحتمل خطأه ينفذ حكمه وإن كان مخطئا في الواقع ولا يبالي بخطأه فإن مصلحة حفظ وحدة المجتمع والتحرز من تشتت الكلمة مصلحة يتدارك بها أمثال هذه الأغلاط والاشتباهات.
وهذا حال أولي الأمر الواقع في الآية في افتراض طاعتهم فرض الله طاعتهم على المؤمنين فإن أمروا بما يخالف الكتاب والسنة فلا يجوز ذلك منهم ولا ينفذ حكمهم لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقد روى هذا المعنى الفريقان وبه يقيد إطلاق الآية وأما الخطأ والغلط فإن علم به رد إلى الحق وهو حكم الكتاب والسنة وإن احتمل خطأه نفذ فيه حكمه كما فيما علم عدم خطأه ولا بأس بوجوب القبول وافتراض الطاعة فيما يخالف الواقع هذا النوع لان مصلحة حفظ الوحدة في الأمة وبقاء السودد والأبهة تتدارك بها هذه المخالفة ويعود إلى مثل ما تقرر في أصول الفقه من حجية الطرق الظاهرية مع بقاء الاحكام الواقعية على حالها وعند مخالفة مؤداها للواقع تتدارك المفسدة اللازمة بمصلحة الطريق.
وبالجملة طاعة أولي الأمر مفترضة وإن كانوا غير معصومين يجوز عليهم الفسق والخطأ فإن فسقوا فلا طاعة لهم وإن أخطأوا ردوا إلى الكتاب والسنة إن علم منهم ذلك ونفذ حكمهم فيما لم يعلم ذلك ولا بأس بإنفاذ ما يخالف حكم الله في الواقع دون الظاهر رعاية لمصلحة الاسلام والمسلمين وحفظا لوحدة الكلمة.
وأنت بالتأمل فيما قدمناه من البيان تعرف سقوط هذه الشبهة من أصله وذلك أن هذا التقريب من الممكن أن نساعده في تقييد إطلاق الآية في صورة الفسق بما ذكر من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وما يؤدي هذا المعنى من الآيات القرآنية كقوله إن الله لا يأمر بالفحشاء: الأعراف - 28 وما في هذا