وهذا معنى لا بأس به غير أن الهداية في القرآن غير مستعمل في هذا المعنى وإنما استعمل فيما استعمل في الايصال إلى الحق أو إرادة الحق كقوله إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء: القصص - 56 وقوله إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا: الانسان - 3 والاوفق بمذاق القرآن أن يعبر عن أمثال هذه المعاني بلفظ التبيين والقصص ونحو ذلك.
نعم لو جعل قوله يبين وقوله ويهديكم متنازعين في قوله سنن الذين من قبلكم وقوله ويتوب عليكم أيضا راجعا إليه وآل المعنى إلى أن الله يبين لكم سنن الذين من قبلكم ويهديكم إلى الحق منها ويتوب عليكم فيما ابتليتم به من باطلها كان له وجه فإن الآيات السابقة فيها ذكر من سنن السابقين والحق والباطل منها والتوبة على ما قد سلف من السنن الباطلة.
قوله تعالى ويتوب عليكم والله عليم حكيم التوبة المذكورة هو رجوعه إلى عبده بالنعمة والرحمة وتشريع الشريعة وبيان الحقيقة والهداية إلى طريق الاستقامة كل ذلك توبة منه سبحانه كما أن قبول توبة العبد ورفع آثار المعصية توبة.
وتذييل الكلام بقوله والله عليم حكيم ليكون راجعا إلى جميع فقرات الآية ولو كان المراد رجوعه إلى آخر الفقرات لكان الأنسب ظاهرا أن يقال والله غفور رحيم.
قوله تعالى والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين الخ كأن تكرار ذكر توبته للمؤمنين للدلالة على أن قوله ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما إنما يقابل من الفقرات الثلاث في الآية السابقة الفقرة الأخيرة فقط إذ لو ضم قوله ويريد الذين الخ إلى الآية السابقة من غير تكرار قوله والله يريد الخ أفاد المقابلة في معنى جميع الفقرات ولغى المعنى قطعا.
والمراد بالميل العظيم هتك هذه الحدود الإلهية المذكورة في الآيات بإتيان المحارم وإلغاء تأثير الأنساب والأسباب واستباحة الزنا والمنع عن الأخذ بما سنه الله من السنة القويمة.
قوله تعالى يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا كون الانسان