ضعيفا لما ركب الله فيه القوى الشهوية التي لا تزال تنازعه في ما تتعلق به من المشتهيات وتبعثه إلى غشيانها فمن الله عليهم بتشريع حلية ما تنكسر به سورة شهوتهم بتجويز النكاح بما يرتفع به غائلة الحرج حيث قال وأحل لكم ما وراء ذلكم وهو النكاح وملك اليمين فهداهم بذلك سنن الذين من قبلهم وزادهم تخفيفا منه لهم لتشريع نكاح المتعة إذ ليس معه كلفة النكاح وما يستتبعه من أثقال الوظائف من صداق ونفقة وغير ذلك.
وربما قيل إن المراد به إباحة نكاح الإماء عند الضرورة تخفيفا وفيه أن نكاح الإماء عند الضرورة كان معمولا به بينهم قبل الاسلام على كراهة وذم والذي ابتدعته هذه الآيات هو التسبب إلى نفى هذه الكراهة والنفرة ببيان أن الأمة كالحرة إنسان لا تفاوت بينهما وأن الرقية لا توجب سقوط صاحبها عن لياقة المصاحبة والمعاشرة.
وظاهر الآيات بما لا ينكر أن الخطاب فيها متوجه إلى المؤمنين من هذه الأمة فالتخفيف المذكور في الآية تخفيف على هذه الأمة والمراد به ما ذكرناه.
وعلى هذا فتعليل التخفيف بقوله وخلق الانسان ضعيفا مع كونه وصفا مشتركا بين جميع الأمم هذه الأمة والذين من قبلهم وكون التخفيف مخصوصا بهذه الأمة إنما هو من قبيل ذكر المقتضى العام والسكوت عما يتم به في تأثيره فكأنه قيل إنا خففنا عنكم لكون الضعف العام في نوع الانسان سببا مقتضيا للتخفيف لولا المانع لكن لم تزل الموانع تمنع عن فعلية التخفيف وانبساط الرحمة في سائر الأمم حتى وصلت النوبة إليكم فعمتكم الرحمة وظهرت فيكم آثاره فبرز حكم السبب المذكور وشرع فيكم حكم التخفيف وقد حرمت الأمم السابقة من ذلك كما يدل عليه قوله ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا: البقرة - 286 وقوله هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج: الحج - 78.
ومن هنا يظهر أن النكتة في هذا التعليل العام بيان ظهور تمام النعم الانسانية في هذه الأمة