وأحد البحثين وهو البحث عن الملاك عقلي والآخر وهو البحث عن الحكم الشرعي وما له من الموضوع والمتعلق والشرائط والموانع لفظي يتبع في السعة والضيق البيان اللفظي من الشارع وإنا لا نشك أن جميع الأحكام المشرعة تتبع مصالح وملاكات حقيقية وحكم النكاح الذي هو أيضا أحدها يتبع في تشريعه مصلحة واقعية وملاكا حقيقيا وهو التوالد والتناسل ونعلم أن نظام الصنع والايجاد أراد من النوع الانساني البقاء النوعي ببقاء الافراد ما شاء الله ثم احتيل إلى هذا الغرض بتجهيز البنية الانسانية بجهاز التناسل الذي يفصل أجزاء منه فيربيه ويكونه إنسانا جديدا يخلف الانسان القديم فتمتد به سلسلة النوع من غير انقطاع واحتيل إلى تسخير هذا الجهاز للعمل والانتاج بإيداع القوة الشهوانية التي يحن بها أحد القبيلين الذكر والأنثى من الافراد إلى الآخر وينجذب بها كل إلى صاحبه بالوقوع عليه والنيل ثم كمل ذلك بالعقل الذي يمنع من إفساد هذا السبيل الذي يندب إليه نظام الخلقة.
وفي عين أن نظام الخلقة بالغ أمره وواجد غرضه الذي هو بقاء النوع لسنا نجد أفراد هذه الاتصالات المباشرية بين الذكر والأنثى ولا أصنافها موصلة إلى غرض الخلقة دائما بل إنما هي مقدمة غالبية فليس كل ازدواج مؤديا إلى ظهور الولد ولا كل عمل تناسلي كذلك ولا كل ميل إلى هذا العمل يؤثر هذا الأثر ولا كل رجل أو كل امرأة ولا كل ازدواج يهدي هداية اضطرارية إلى الذواق فالاستيلاد فالجميع أمور غالبية.
فالتجهز التكويني يدعو الانسان إلى الازدواج طلبا للنسل من طريق الشهوة والعقل المودوع فيه يضيف إلى ذلك التحرز وحفظ النفس عن الفحشاء المفسد لسعادة العيش الهادم لأساس البيوت القاطع للنسل.
وهذه المصلحة المركبة أعني مصلحة الاستيلاد والامن من دبيب الفحشاء هي الملاك الغالبي الذي بني عليه تشريع النكاح في الاسلام غير أن الأغلبية من أحكام الملاك وأما الاحكام المشرعة لموضوعاتها فهي لا تقبل إلا الدوام.
فليس من الجائز أن يقال إن النكاح أو المباشرة يتبعان في جوازهما الغرض والملاك المذكور وجودا وعدما فلا يجوز نكاح إلا بنية التوالد ولا يجوز نكاح العقيم