الآية بين الأبناء وبين نساء آبائهم مع كون النكاح قبل نزول الآية.
ورفع التحريم وهو الجواز عن نكاح سالف لا يبتلى به بالفعل والعفو عنه من حيث نفس العمل المنقضي وإن كان لغوا لا أثر له لكنه لا يخلو عن الفائدة من حيث آثار العمل الباقية بعده كطهارة المولد واعتبار القرابة مع الاستيلاد ونحو ذلك.
وبعبارة أخرى لا معنى لتوجيه الحرمة أو الإباحة إلى نكاح سابق قد جمع بين الأختين إذا ماتتا مثلا أو ماتت إحديهما أو حل الطلاق بهما أو بإحديهما لكن يصح رفع الالغاء والتحريم عن مثل هذا النكاح باعتبار ما استتبعه من الأولاد من حيث الحكم بطهارة مولدهم ووجود القرابة بينهم وبين آبائهم المولدين لهم وسائر قرابات الآباء المؤثر ذلك في الإرث والنكاح وغير ذلك.
وعلى هذا فقوله " إلا ما قد سلف " استثناء من الحكم باعتبار آثاره الشرعية لا باعتبار أصل تعلقه بعمل قد انقضى قبل التشريع ومن هنا يظهر أن الاستثناء متصل لا منقطع كما ذكره المفسرون.
ويمكن أن يرجع الاستثناء إلى جميع الفقرات المذكورة في الآية من غير أن يختص بقوله وأن تجمعوا بين الأختين " فإن العرب وإن كانت لا ترتكب من هذه المحرمات إلا الجمع بين الأختين ولم تكن تقترف نكاح الأمهات والبنات وسائر ما ذكرت في الآية إلا أن هناك أمما كانت تنكح أقسام المحارم كالفرس والروم وسائر الأمم المتمدنة وغير المتمدنة يوم نزول الآيات على اختلافهم فيه والاسلام يعتبر صحة نكاح الأمم غير المسلمة الدائر بينهم على مذاهبهم فيحكم بطهارة مولدهم ويعتبر صحة قرابتهم بعد الدخول في دين الحق هذا لكن الوجه الأول أظهر.
قوله تعالى إن الله كان غفورا رحيما تعليل راجع إلى الاستثناء وهو من الموارد التي تعلقت فيها المغفرة بآثار الأعمال في الخارج دون الذنوب والمعاصي.
قوله تعالى والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم المحصنات بفتح الصاد اسم مفعول من الاحصان وهو المنع ومنه الحصن الحصين أي المنيع يقال أحصنت المرأة إذا عفت فحفظت نفسها وامتنعت عن الفجور قال تعالى التي أحصنت فرجها " التحريم - 12 " أي عفت ويقال أحصنت المرأة بالبناء للفاعل والمفعول