وكيفما كان ليس قوله اللاتي في حجوركم قيدا احترازيا يتقيد به التحريم حتى تحل الربيبة لرابها إذا لم تكن في حجره كالبنت الكبيرة يتزوج الرجل بأمها والدليل على ذلك المفهوم المصرح به في قوله تعالى: " فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم " حيث ذكر فيه ارتفاع قيد الدخول لكون الدخول دخيلا في التحريم ولو كان الكون في الحجور مثله لكان من اللازم ذكره وهو ظاهر.
وقوله: فلا جناح عليكم أي في أن تنكحوهن حذف إيثارا للاختصار لدلالة السياق عليه.
قوله تعالى وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم الحلائل جمع حليلة قال في المجمع والحلائل جمع الحليلة وهي بمعنى محللة مشتقة من الحلال والذكر حليل وجمعه أحلة كعزيز وأعزة سميا بذلك لان كل واحدة منهما يحل له مباشرة صاحبه وقيل هو من الحلول لان كل واحد منهما يحال صاحبه أي يحل معه في الفراش انتهى.
والمراد بالأبناء من اتصل بالانسان بولادة سواء كان ذلك بلا واسطة أو بواسطة ابن أو بنت وتقييده بقوله الذين من أصلابكم احتراز عن حليلة من يدعى ابنا بالتبني دون الولادة.
قوله تعالى وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف " المراد به بيان تحريم نكاح أخت الزوجة ما دامت الزوجة حية باقية تحت حبالة الزوجية فهو أوجز عبارة وأحسنها في تأدية المراد وإطلاق الكلام ينصرف إلى الجمع بينهما في النكاح في زمان واحد فلا مانع من أن ينكح الرجل إحدى الأختين ثم يتزوج بالأخرى بعد طلاق الأولى أو موتها ومن الدليل عليه السيرة القطعية بين المسلمين المتصلة بزمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما قوله إلا ما قد سلف فهو كنظيره المتقدم في قوله ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ناظر إلى ما كان معمولا به بين عرب الجاهلية من الجمع بين الأختين والمراد به بيان العفو عما سلف من عملهم بالجمع بين الأختين قبل نزول هذه الآية دون ما لو كان شئ من ذلك في زمان النزول بنكاح سابق فإن الآية تدل على منعه لأنه جمع بين الأختين بالفعل كما يدل عليه أيضا ما تقدم نقله من أسباب نزول قوله ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم الآية حيث فرق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد نزول