تعالى: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " العنكبوت - 69، وقال تعالى: " والعاقبة للتقوى " طه - 132.
والآيات القرآنية في هذه المعاني ثيرة على اختلافها في مضامينها المتفرقة، ومن أجمعها وأتمها بيانا فيه قوله تعالى: " أنزل من السماء ماءا فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبا مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاءا وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال " الرعد - 17.
وقد مرت الإشارة إلى أن العقل يؤيده، فإن ذلك لازم كلية قانون العلية والمعلولية الجارية بين أجزاء العالم، وأن التجربة القطعية الحاصلة من تكرار الحس تشهد به، فما منا من أحد إلا وفي ذكره أخبار محفوظة من عاقبة أمر الظالمين وانقطاع دابرهم.
قوله تعالى: أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، الخاوية هي الخالية يقال: خوت الدار تخوي خوائا إذا خلت، والعروش جمع العرش وهو ما يعمل مثل السقف للكرم قائم على أعمدة، قال تعالى: " جنات معروشات وغير معروشات " الانعام - 142، ومن هنا أطلق على سقف البيت العرش، لكن بينهما فرقا، فإن السقف هو ما يقوم من السطح على الجدران والعرش وهو السقف مع الأركان التي يعتمد عليها كهيئة عرش الكرم، ولذا صح أن يقال في الديار أنها خالية على عروشها ولا يصح أن يقال: خالية على سقفها.
وقد ذكر المفسرون وجوها في توجيه العطف في قوله تعالى: أو كالذي، فقيل:
إنه عطف على قوله في الآية السابقة: الذي حاج إبراهيم، والكاف اسمية، والمعنى أو هل رأيت مثل الذي مر على قرية (الخ)، وقد جئ بهذا الكاف للتنبيه على تعدد الشواهد، وقيل: بل الكاف زائدة، والمعنى: ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم أو الذي مر على قرية (الخ)، وقيل: انه عطف محمول على المعنى، والمعنى: ألم تر كالذي حاج إبراهيم أو كالذي مر على قرية، وقيل: انه من كلام إبراهيم جوابا عن دعوى الخصم انه يحيي ويميت، والتقدير: وإن كنت تحيى فأحيى كإحياء الذي مر على قرية (الخ) فهذه وجوه ذكروه في الآية لتوجيه العطف لكن الجميع كما ترى.