تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٤
من أفراد الانسان، وهذا يؤيد ما وردت به الروايات: انه أمر بإحضار رجلين ممن كان في سجنه فأطلق أحدهما وقتل الآخر، وقال عند ذلك: أنا أحيي وأميت.
وانما أخذ عليه السلام في حجته الاحياء والإماتة لأنهما أمران ليس للطبيعة الفاقدة للحياة فيهما صنع، وخاصة التي في الحيوان حيث تستتبع الشعور والإرادة وهما أمران غير ماديين قطعا، وكذا الموت المقابل لها، والحجة على ما فيها من السطوع والوضوح لم تنجح في حقهم، لان انحطاطهم في الفكر وخبطهم في التعقل كان فوق ما كان يظنه عليه السلام في حقهم، فلم يفهموا من الاحياء والإماتة إلا المعنى المجازي الشامل لمثل الاطلاق والقتل، فقال نمرود: انا أحيي وأميت وصدقه من حضره، ومن سياق هذه المحاجة يمكن أن يحدس المتأمل ما بلغ إليه الانحطاط الفكري يؤمئذ في المعارف والمعنويات، ولا ينافي ذلك الارتقاء الحضاري والتقدم المدني الذي يدل عليه الآثار والرسوم الباقية من بابل كلدة ومصر الفراعنة وغيرهما، فإن المدنية المادية أمر والتقدم في معنويات المعارف أمر آخر، وفي ارتقاء الدنيا الحاضرة في مدنيتها وانحطاطها في الأخلاق والمعارف المعنوية ما تسقط به هذه الشبهة.
ومن هنا يظهر: وجه عدم أخذه عليه السلام في حجته مسئلة احتياج العالم بأسره إلى الصانع الفاطر للسموات والأرض كما اخذ به في استبصار نفسه في بادي أمره على ما يحكيه الله عنه بقوله: اني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين " الانعام - 79، فإن القوم على اعترافهم بذلك بفطرتهم اجمالا كانوا أنزل سطحا من أن يعقلوه على ما ينبغي ان يعقل عليه بحيث ينجح احتجاجه ويتضح مراده عليه السلام، وناهيك في ذلك ما فهموه من قوله: ربي الذي يحيي ويميت.
قوله تعالى: قال أنا أحيي وأميت، أي فأنا ربك الذي وصفته بأنه يحيي ويميت.
قوله تعالى: قال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر، لما أيس عليه السلام من مضي احتجاجه بأن ربه الذي يحيي ويميت، لسوء فهم الخصم وتمويهه وتلبيسه الامر على من حضر عندهما عدل عن بيان ما هو مراده من الاحياء والإماتة إلى حجة أخرى، إلا أنه بنى هذه الحجة الثانية على دعوى الخصم في الحجة الأولى كما يدل عليه التفريع بالفاء في قوله: فإن الله " الخ "، والمعنى: إن
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة البقرة 4
2 (183 - 185) كلام في نزول القرآن في شهر رمضان، وفي ليلة القدر مع نزوله نجوما. (بحث قرآني) 15
3 (186) كلام في معنى الدعاء. (بحث قرآني) 30
4 (188) في أن المالكية من الأصول الثابتة الاجتماعية. (بحث علمي اجتماعي) 53
5 (190 - 195) الجهاد الذي يأمر به القرآن. (بحث قرآني) 64
6 (190 - 195) في لزوم الدفاع في المجتمع. (بحث اجتماعي) 69
7 (196 - 203) في متعة الحج وعموم تشريعها. (بحث روائي) 87
8 (208 - 210) في الرجعة ودفع شبهة المنكرين لها. (بحث روائي فلسفي) 106
9 (213) فيما يفيده القرآن في حقيقة الانسان وتاريخ نوعه. (بحث قرآني) 111 (213) بدء تكوين الانسان. (بحث قرآني) 112
10 (213) تركبه من روح وبدن. (بحث قرآني) 113
11 (213) شعوره الحقيقي وارتباطه بالأشياء. (بحث قرآني) 113
12 (213) علومه العملية. (بحث قرآني) 114
13 (213) جريه على استخدام غيره انتفاعا. (بحث قرآني) 116
14 (213) كونه مدنيا بالطبع. (بحث قرآني) 117
15 (213) حدوث الاختلاف بين أفراد الانسان. (بحث قرآني) 118
16 (213) رفع الاختلاف في الدين. (بحث قرآني) 120
17 (213) الاختلاف في نفس الدين. (بحث قرآني) 122
18 (213) الانسان بعد الدنيا. (بحث قرآني) 122
19 (213) في النظريات الدينية التي يستفاد من الآية وهي سبعة. والدليل المستفاد منها على النبوة العامة (بحث قرآني) 130
20 (213) كلام في عصمة الأنبياء. (بحث قرآني) 134
21 (213) كلام في النبوة. (بحث قرآني) 139
22 (213) أيضا في النبوة. (بحث فلسفي) 147
23 سورة البقرة أيضا في النبوة. (بحث اجتماعي) 149
24 (216 - 218) كلام في الحبط. (بحث قرآني) 167
25 (216 - 218) كلام في أحكام الأعمال من حيث الجزاء. (بحث علمي) 172
26 (216 - 218) من أحكام الأعمال تأثير بعضها في بعض. (بحث علمي) 173
27 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أنها محفوظة متجسمة. (بحث علمي) 180
28 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أن بينها وبين الحوادث ارتباطا. (بحث علمي) 180
29 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أن الغلبة للحسنة على السيئة. (بحث علمي) 185
30 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أن الحسنة مطابقة لحكم العقل. (بحث علمي) 188
31 (224 - 227) كلام في معنى القلب في القرآن. (بحث قرآني) 223
32 (228 - 242) ألفاظ العلم والادراك في القرآن. (بحث قرآني) 247
33 (228 - 242) المرأة في الاسلام. (بحث علمي) 260
34 (228 - 242) حياة المرأة في الأمم الغير المتمدنة. (بحث علمي) 261
35 (228 - 242) في النكاح والطلاق. (بحث علمي) 277
36 (244 - 254) كلام في معنى السكينة. (بحث قرآني) 289
37 (244 - 254) بحث في تنازع البقاء، والانتخاب الطبيعي. (بحث علمي اجتماعي) 300
38 (253 - 254) كلام في معنى الكلام. (بحث قرآني) 314
39 (253 - 254) أيضا في ذلك. (بحث فلسفي) 325
40 (255) في معنى الحياة، وحياته تعالى. (بحث قرآني) 329
41 (255) في معنى القيام على الامر، وقيوميته تعالى. (بحث قرآني) 330
42 (256 - 257) في نفى الاكراه في الدين. (بحث قرآني) 342
43 (258 - 260) كلام في الاحسان وهدايته والظلم وإضلاله. (بحث قرآني) 356
44 (261 - 274) كلام في الانفاق. (بحث قرآني) 383
45 (275 - 281) في الربا. (بحث علمي) 428
46 (275 - 281) بحث آخر فيه. (بحث علمي) 431