إلى الطير، ويلزم على قولهم: ان المراد تقطيعها وتفريق أجزائها، ووضع كل جزء منها على جبل ثم دعوتهن ان يفرق بين الضمائر فيعود الأولان إلى الطيور، والثالث والرابع إلى الاجزاء وهو خلاف الظاهر.
وأضاف إلى ذلك بعض من وافقه في معنى الآية وجوها أخرى نتبعها بها.
وثالثا: ان إرائة كيفية الخلقة ان كان بمعنى مشاهدة كيفية تجمع اجزائها وتغير صورها إلى الصورة الأولى الحية فهي مما لا تحصل على ما ذكروه من تقطيعه الاجزاء ومزجه إياها ووضعه على جبل بعيد، جزئا منها فكيف يتصور على هذا مشاهدة ما يعرض ذرات الاجزاء من الحركات المختلفة والتغيرات المتنوعة، وان كان المراد إرائة كيفية الاحياء بمعنى الإحاطة على كنه كلمة التكوين التي هي الإرادة الإلهية المتعلقة بوجود الشئ وحقيقة نطقها بالأشياء فظاهر القرآن وهو ما عليه المسلمون ان هذا غير ممكن للبشر، فصفات الله منزهة عن الكيفية.
ورابعا: ان قوله: ثم اجعل، يدل على التراخي الذي هو المناسب لمعنى التأنيس وكذلك قوله: فصرهن بخلاف ما ذكروه من معنى الذبح والتقطيع.
وخامسا: انه لو كان كما يقولون لكان الأنسب هو ختم الآية باسم القدير دون الاسمين: العزيز الحكيم فإن العزيز هو الغالب الذي لا ينال، هذا ما ذكروه.
وأنت بالتأمل في ما قدمناه من البيان تعرف سقوط ما ذكروه، فإن اشتمال الآية على السؤال بلفظ أرني وقوله: كيف تحيي وإجراء الامر بيد إبراهيم على ما مر بيانها كل ذلك ينافي هذا المعنى، على أن الجزء في قوله تعالى: " ثم اجعل على كل جبل منهن جزئا ظاهره جزء الطير لا واحد من الطيور.
واما الوجوه التي ذكروها فالجواب عن الأول: ان معنى صرهن قطعهن، وتعديته بإلى لمكان تضمينه معنى الإمالة كما في قوله تعالى: " الرفث إلى نسائكم " البقرة - 187، حيث ضمن معنى الافضاء.
وعن الثاني: ان جميع الضمائر الأربع راجعة إلى الطيور، والوجه في رجوع