أصحاب عبد الله بن جحش روايات أخر، والآية تدل على عذر من فعل فعلا قربيا فأخطأ الواقع فلا ذنب مع الخطاء، وتدل أيضا على جواز تعلق المغفرة بغير مورد الذنب.
وفي الروايات إشارة إلى أن المراد بالسائلين في قوله تعالى يسئلونك، هم المؤمنون دون المشركين الطاعنين في فعل المؤمنين، ويؤيده أيضا ما مر من رواية ابن عباس في البحث الروائي السابق: ما رأيت قوما كانوا خيرا من أصحاب محمد ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض صلى الله عليه وآله وسلم، كلهن في القرآن: منهن يسألونك عن الخمر والميسر، ويسألونك عن الشهر الحرام الرواية، ويؤيد ذلك أن الخطاب في الآية إنما هو للمؤمنين حيث يقول تعالى: ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم.
* * * يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما. ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون - 219. في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم - 220.
(بيان) قوله تعالى: يسألونك عن الخمر والميسر، الخمر على ما يستفاد من اللغة هو كل مائع معمول للسكر، والأصل في معناه الستر، وسمي به لأنه يستر العقل ولا يدعه يميز الحسن من القبح والخير من الشر، ويقال: لما تغطي به المرأة رأسها الخمار، ويقال:
خمرت الاناء إذا غطيت رأسها، ويقال: أخمرت العجين إذا أدخلت فيه الخمير، وسميت الخميرة خميرة لأنها تعجن أولا ثم تغطي وتخمر من قبل، وقد كانت العرب لا تعرف من أقسامه إلا الخمر المعمول من العنب والتمر والشعير، ثم زاد الناس في أقسامه