نخلة فقال له: كن بها حتى تأتينا بخبر من اخبار قريش ولم يأمره بقتال، وذلك في الشهر الحرام، وكتب له كتابا قبل ان يعلمه انه يسير، فقال اخرج أنت وأصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح كتابك وانظر فيه، فما أمرتك به فامض له، ولا تستكرهن أحدا من أصحابك على الذهاب معك، فلما سار يومين فتح الكتاب فإذا فيه: ان امض حتى تنزل نخلة فتأتينا من اخبار قريش بما اتصل إليك منهم، فقال لأصحابه حين قرء الكتاب: سمع وطاعة، من كان منكم له رغبة في الشهادة فلينطلق معي، فإني ماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن كره ذلك منكم فليرجع فإن رسول الله قد نهاني ان استكره منكم أحدا فمضى معه القوم، حتى إذا كانوا بنجران أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه، فتخلفا عليه يطلبانه، ومضى القوم حتى نزلوا نخلة، فمر بهم عمرو بن الحضرمي والحكم بن كيسان وعثمان والمغيرة بن عبد الله معهم تجارة قد مروا بها من الطائف، أدم وزيت، فلما رآهم القوم أشرف لهم واقد بن عبد الله وكان قد حلق رأسه فلما رأوه حليقا، قال عمار: ليس عليكم منه بأس، وائتمر القوم بهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو آخر يوم من جمادي، فقالوا:
لئن قتلتموهم انكم لتقتلونهم في الشهر الحرام ولئن تركتموهم ليدخلن في هذه الليلة مكة الحرام فليمتنعن منكم، فأجمع القوم على قتلهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وهرب المغيرة فأعجزهم، واستاقوا العير فقدموا بها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لهم:
والله ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام، فأوقف رسول الله الأسيرين والعير فلم يأخذ منها شيئا، فلما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما قال سقط في أيديهم وظنوا ان قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين، وقالت قريش - حين بلغهم أمر هؤلاء -: قد سفك محمد الدم الحرام وأخذ المال، وأسر الرجال واستحل الشهر الحرام، فأنزل الله في ذلك: يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه الآية، فلما نزل ذلك أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العير وفدى الأسيرين، فقال المسلمون: - يا رسول الله! أتطمع ان يكون لنا غزوة؟ فأنزل الله: إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله، وكانوا ثمانية وأميرهم التاسع عبد الله بن جحش.
أقول: وفي كون قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هاجروا الآية، نازلة في أمر