وقال تعالى: " وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء " آل عمران - 140.
وإن كان المصاب طالحا كان ذلك اخذا بالنقمة وعقابا بالاعمال، والآيات السابقة دالة على ذلك.
فهذا حكم العمل يظهر في الكون ويعود إلى عامله، وأما قوله تعالى: " ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا وان كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين " الزخرف - 35، فغير ناظر إلى هذا الباب بل المراد به (والله أعلم) ذم الدنيا ومتاعها وانها لا قدر لها ولمتاعها عند الله سبحانه، ولذلك يؤثر للكافر، وان القدر للآخرة ولولا أن افراد الانسان أمثال والمساعي واحدة متشاكلة متشابهة لخصها الله بالكافر.
فان قيل: الحوادث العامة والخاصة كالسيول والزلازل والأمراض المسرية والحروب والاجداب لها علل طبيعية مطردة إذا تحققت تحققت معاليها سواء صلحت النفوس أو طلحت، وعليه فلا محل للتعليل بالاعمال الحسنة والسيئة بل هو فرضية دينية، وتقدير لا يطابق الواقع.
قلت: هذا اشكال فلسفي غير مناف لما نحن فيه من البحث التفسيري المتعلق بما يستفاد من كلامه تعالى وسنتعرض له تفصيلا في بحث فلسفي على حدة في تفسير قوله تعالى: " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء " الأعراف - 64.
وجملة القول فيه: ان الشبهة ناشئة عن سوء الفهم وعدم التنبه لمقاصد القرآن وأهله، فهم لا يريدون بقولهم: " ان الأعمال حسنة كانت أو سيئة مستتبعة لحوادث يناسبها خيرا أو شرا، ابطال العلل الطبيعية وانكار تأثيرها، ولا تشريك الأعمال مع العوامل المادية، كما أن الإلهيين لا يريدون بإثبات الصانع ابطال قانون العلية والمعلولية العام واثبات الاتفاق والمجازفة في الوجود، أو تشريك الصانع مع العلل الطبيعية واستناد بعض الأمور إليه والبعض الآخر إليها، بل مرادهم اثبات علة في طول علة، وعامل معنوي فوق العوامل المادية، واسناد التأثير إلى كلتا العلتين لكن