والأمة الصالحة على خلاف ذلك.
والفرد كالأمة يؤخذ بالحسنة والسيئة والنقم والمثلات غير أن الفرد ربما ينعم بنعمة أسلافه كما أنه يؤخذ بمظالم غيره كآبائه وأجداده، قال تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: " قال انا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع اجر المحسنين " يوسف - 90، والمراد به ما أنعم الله عليه من الملك والعزة وغيرهما، وقال تعالى: " فخسفنا به وبداره الأرض " القصص - 81، وقال تعالى: " وجعلنا له لسان صدق عليا " مريم - 50، وكأنه الذرية الصالحة المنعمة كما قال تعالى: " جعلنا كلمة باقية في عقبه " الزخرف - 28، وقال تعالى: " وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك ان يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما " الكهف - 82، وقال تعالى: " فليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم " النساء - 9، والمراد بذلك الخلف المظلوم يبتلي بظلم سلفه.
وبالجملة إذا أفاض الله نعمة على أمة أو على فرد من افراد الانسان فإن كان المنعم عليه صالحا كان ذلك نعمة انعمها عليه وامتحانا يمتحنه بذلك كما حكى الله تعالى عن سليمان إذ يقول: " قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم " النمل - 40، وقال تعالى: " لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " إبراهيم - 7، والآية كسابقتها تدل على أن نفس الشكر من الأعمال الصالحة التي تستتبع النعم.
وان كان المنعم عليه طالحا كانت النعمة مكرا في حقه واستدراجا وإملاءا يملى عليه كما قال تعالى: " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " الأنفال - 30، وقال تعالى: " سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم ان كيدي متين " القلم - 45، وقال تعالى: " ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون " الدخان - 17.
وإذا أنزلت النوازل وكرت المصائب والبلايا على قوم أو على فرد فإن كان المصاب صالحا كان ذلك فتنة ومحنة يمتحن الله به عباده ليميز الخبيث من الطيب، وكان مثله مع البلاء مثل الذهب مع البوتقة والمحك، قال تعالى: " احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيئات ان يسبقونا ساء ما يحكمون " العنكبوت - 4