تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢ - الصفحة ١٧١
الجزاء وموطنه، فقيل: إنه وقت العمل، وقيل: حين الموت، وقيل: الآخرة، وقيل: وقت العمل بالموافاة بمعنى أنه لو لم يدم على ما هو عليه حال العمل إلى حين الموت وموافاته لم يستحق ذلك إلا أن يعلم الله ما يؤل إليه حاله ويستقر عليه، فيكتب ما يستحقه حال العمل.
وقد استدل أصحاب كل قول بما يناسبه من الآيات، فإن فيها ما يناسب كلا من هذه الأوقات بحسب الانطباق، وربما استدل ببعض وجوه عقلية ملفقة.
والذي ينبغي أن يقال: إنا لو سلكنا في باب الثواب والعقاب والحبط والتكفير وما يجري مجراها مسلك نتائج الأعمال على ما بيناه في تفسير قوله تعالى: " إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها الآية " - 26، كان لازم ذلك كون النفس الانسانية ما دامت متعلقة بالبدن جوهرا متحولا قابلا للتحول في ذاته وفي آثار ذاته من الصور التي تصدر عنها وتقوم بها نتائج وآثار سعيدة أو شقية، فإذا صدر منه حسنة حصل في ذاته صورة معنوية مقتضية لاتصافه بالثواب، وإذا صدر منه معصية فصورة معنوية تقوم بها صورة العقاب، غير أن الذات لما كانت في معرض التحول والتغير بحسب ما يطرئها من الحسنات والسيئات كان من الممكن أن تبطل الصورة الموجودة الحاضرة بتبدلها إلى غيرها، وهذا شأنها حتى يعرضها الموت فتفارق البدن وتقف الحركة ويبطل التحول واستعداده، فعند ذلك يثبت لها الصور وآثارها ثبوتا لا يقبل التحول والتغير إلا بالمغفرة أو الشفاعة على النحو الذي بيناه سابقا.
وكذا لو سلكنا في الثواب والعقاب مسلك المجازاة على ما بيناه فيما مر كان حال الانسان من حيث اكتساب الحسنة والمعصية بالنسبة إلى التكاليف الإلهية وترتب الثواب والعقاب عليها حاله من حيث الإطاعة والمعصية في التكاليف الاجتماعية وترتب المدح والذم عليها، والعقلاء يأخذون في مدح المطيع والمحسن وذم العاصي والمسئ بمجرد صدور الفعل عن فاعله، غير أنهم يرون ما يجازونه به من المدح والذم قابلا للتغير والتحول لكونهم يرون الفاعل ممكن التغير والزوال عما هو عليه من الانقياد والتمرد، فلحوق المدح والذم على فاعل الفعل فعلي عندهم بتحقق الفعل غير أنه موقوف البقاء على عدم تحقق ما ينافيه، وأما ثبوت المدح والذم ولزومهما بحيث لا يبطلان قط فإنما يكون إذا ثبت حاله بحيث لا يتغير قط بموت أو بطلان استعداد في الحياة.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة البقرة 4
2 (183 - 185) كلام في نزول القرآن في شهر رمضان، وفي ليلة القدر مع نزوله نجوما. (بحث قرآني) 15
3 (186) كلام في معنى الدعاء. (بحث قرآني) 30
4 (188) في أن المالكية من الأصول الثابتة الاجتماعية. (بحث علمي اجتماعي) 53
5 (190 - 195) الجهاد الذي يأمر به القرآن. (بحث قرآني) 64
6 (190 - 195) في لزوم الدفاع في المجتمع. (بحث اجتماعي) 69
7 (196 - 203) في متعة الحج وعموم تشريعها. (بحث روائي) 87
8 (208 - 210) في الرجعة ودفع شبهة المنكرين لها. (بحث روائي فلسفي) 106
9 (213) فيما يفيده القرآن في حقيقة الانسان وتاريخ نوعه. (بحث قرآني) 111 (213) بدء تكوين الانسان. (بحث قرآني) 112
10 (213) تركبه من روح وبدن. (بحث قرآني) 113
11 (213) شعوره الحقيقي وارتباطه بالأشياء. (بحث قرآني) 113
12 (213) علومه العملية. (بحث قرآني) 114
13 (213) جريه على استخدام غيره انتفاعا. (بحث قرآني) 116
14 (213) كونه مدنيا بالطبع. (بحث قرآني) 117
15 (213) حدوث الاختلاف بين أفراد الانسان. (بحث قرآني) 118
16 (213) رفع الاختلاف في الدين. (بحث قرآني) 120
17 (213) الاختلاف في نفس الدين. (بحث قرآني) 122
18 (213) الانسان بعد الدنيا. (بحث قرآني) 122
19 (213) في النظريات الدينية التي يستفاد من الآية وهي سبعة. والدليل المستفاد منها على النبوة العامة (بحث قرآني) 130
20 (213) كلام في عصمة الأنبياء. (بحث قرآني) 134
21 (213) كلام في النبوة. (بحث قرآني) 139
22 (213) أيضا في النبوة. (بحث فلسفي) 147
23 سورة البقرة أيضا في النبوة. (بحث اجتماعي) 149
24 (216 - 218) كلام في الحبط. (بحث قرآني) 167
25 (216 - 218) كلام في أحكام الأعمال من حيث الجزاء. (بحث علمي) 172
26 (216 - 218) من أحكام الأعمال تأثير بعضها في بعض. (بحث علمي) 173
27 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أنها محفوظة متجسمة. (بحث علمي) 180
28 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أن بينها وبين الحوادث ارتباطا. (بحث علمي) 180
29 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أن الغلبة للحسنة على السيئة. (بحث علمي) 185
30 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أن الحسنة مطابقة لحكم العقل. (بحث علمي) 188
31 (224 - 227) كلام في معنى القلب في القرآن. (بحث قرآني) 223
32 (228 - 242) ألفاظ العلم والادراك في القرآن. (بحث قرآني) 247
33 (228 - 242) المرأة في الاسلام. (بحث علمي) 260
34 (228 - 242) حياة المرأة في الأمم الغير المتمدنة. (بحث علمي) 261
35 (228 - 242) في النكاح والطلاق. (بحث علمي) 277
36 (244 - 254) كلام في معنى السكينة. (بحث قرآني) 289
37 (244 - 254) بحث في تنازع البقاء، والانتخاب الطبيعي. (بحث علمي اجتماعي) 300
38 (253 - 254) كلام في معنى الكلام. (بحث قرآني) 314
39 (253 - 254) أيضا في ذلك. (بحث فلسفي) 325
40 (255) في معنى الحياة، وحياته تعالى. (بحث قرآني) 329
41 (255) في معنى القيام على الامر، وقيوميته تعالى. (بحث قرآني) 330
42 (256 - 257) في نفى الاكراه في الدين. (بحث قرآني) 342
43 (258 - 260) كلام في الاحسان وهدايته والظلم وإضلاله. (بحث قرآني) 356
44 (261 - 274) كلام في الانفاق. (بحث قرآني) 383
45 (275 - 281) في الربا. (بحث علمي) 428
46 (275 - 281) بحث آخر فيه. (بحث علمي) 431