وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. إذ لا يعرف الكتاب سوى أولئك الذين نزل في بيتهم. قال تعالى: " وإنه لقرآن كريم، في كتاب مكنون، لا يمسه إلا المطهرون " (1).
إذن فلا غرو إذا ما وجدنا من أصحاب أئمة الهدى أسوة لأرباب التفسير وسائر علوم القرآن منذ العهد الأول فإلى القرون التالية ولا يزال.
هذا ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، معروف باضطلاعه بالتفسير والقرآن وقد كان المرجع الأول على عهد الخلفاء الأولين، فمن بعدهم في فهم القرآن وتأويل آياته، كان مرجعه في التفسير هو الاخذ عن الامام أمير المؤمنين عليه السلام. كان يقول:
ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب (2).
وآثاره في التفسير هو الجم الغفير في المجاميع التفسيرية المدونة كجامع البيان للطبري والدر المنثور للسيوطي وتفسير القرطبي وابن كثير وغيرها من نوع التفسير بالمأثور.
أما التفسير المنسوب إليه المعروف به " تنوير المقباس " فهو من تأليف الفيروزآبادي صاحب القاموس، نعم يسند ما يرويه من روايات التفسير في مبدأ كل سورة إلى ابن عباس، عن طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. وهذا الطريق من أضعف الطرق إلى ابن عباس. قال جلال الدين السيوطي:
وأوهى طرقه طريق الكلبي عن أبي صالح عنه. (قال:) فإن انضم إلى ذلك رواية السدي الصغير فهي سلسلة الكذب (3).
ومن التابعين سعيد بن جبير - الذي قتله الحجاج صبرا سنة 95 ه كان قدوة في التفسير والقراءة. قال الطبري: هو الثقة الحجة إمام المسلمين. وقال ابن حبان: كان مجمعا عليه، عبدا فاضلا ورعا. قال الذهبي: كان من كبار التابعين ومتقدميهم في التفسير والحديث والفقه (4). وقال السيوطي: كان أعلم التابعين بالتفسير (5).